أكد المغرب، اليوم الأربعاء أمام مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، على الدور الهام لنزع التطرف كاستراتيجية مكملة للاستجابات الأمنية في مكافحة التطرف العنيف بإفريقيا، من خلال الاستفادة من الممارسات الفضلى والتجارب المكتسبة بين البلدان الإفريقية.
وأشار الوفد المغربي، في كلمة خلال اجتماع افتراضي لمجلس السلم والأمن حول “نزع التطرف كرافعة لمكافحة التطرف العنيف”، إلى أن المملكة، المقتنعة بأهمية اعتماد مقاربة شاملة لمواجهة آفات الإرهاب والتطرف، التزمت بقوة، وفقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ عقدين من الزمن، بتنفيذ استراتيجية متعددة الأبعاد تضع مكون التنمية في صلب جهودها لمواجهة هذا التحدي.
وذكر الوفد، خلال هذا الاجتماع المنعقد تحت الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن لشهر مارس، بأن هذا الالتزام تجسد أولا بإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ عام 2005، وتعزيز تكوين الأئمة، وكذا إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة الهادفة إلى ترسيخ ونشر قيم الإسلام السمحة في مواجهة التصاعد المقلق للتطرف العنيف بإفريقيا.
ومن أجل مواجهة الطبيعة المعقدة والعابرة للحدود الوطنية لهذا التهديد في القارة يضيف الوفد المغربي، تضع المملكة جهودها في إطار تعاون متين بين بلدان الجنوب مع أقرانها في إفريقيا.
من جهة أخرى، دعا الوفد المغربي إلى تشجيع الدول الأعضاء على المعالجة الشاملة للأسباب الهيكلية للإرهاب والتطرف العنيف، فضلا عن العوامل التي تغذيه وتيسره، استنادا إلى الارتباط بين السلم والأمن والتنمية، على النحو الذي يدعو إليه إعلان طنجة.
وشدد الوفد على ضرورة إعادة التأكيد على الدور الهام للنساء والشباب، باعتبارهم فاعلين في التغيير، في منع ومكافحة التهديدات الأمنية في القارة، مبرزا الحاجة إلى آليات وقائية تتلاءم مع مخيمات اللاجئين، حيث يتعرض الشباب بشكل خاص للخطابات الأيديولوجية المتطرفة.
كما دعا إلى تعزيز آليات الوقاية والإنذار المبكر من أجل استباق وتقليص مخاطر التطرف العنيف في إفريقيا.
وأشار الوفد المغربي إلى أن حجم ونطاق التهديد الإرهابي في إفريقيا لا يبعثان على الاطمئنان، مبرزا أن ما يقرب من نصف ضحايا الإرهاب على مستوى العالم هم أفارقة، كما أن التأثير الاقتصادي لهذه الآفة في إفريقيا ظل يتضاعف باستمرار على مدى السنوات العشر الماضية.
وقال في هذا الصدد إنه “في مواجهة هذا الواقع المثير للقلق، نحن ملزمون بتجاوز الأنماط الكلاسيكية واعتماد مقاربة مندمجة وشاملة تعالج المشكلة من جذورها. فالتطرف يزدهر حيث تفشل التنمية، وحيث تغيب الدولة، وحيث لا يكون للشباب أية آفاق”، داعيا ليس فقط إلى تحييد الجماعات الإرهابية، بل أيضا إلى تحييد قدرتها على التجنيد والتلاعب والتلقين.
وأضاف أنه “إذا كان نجاح أي استراتيجية لمكافحة الإرهاب يعتمد على تعبئة قوية لقدراتنا الأمنية، فإنه يظل أيضا رهينا بتفعيل روافع التنمية وقدرة المجتمع على الصمود في مواجهة التيارات المتطرفة”، مشيرا إلى أن هذه المقاربة المندمجة يجب أن تشمل أيضا أصوات النساء والشباب، الذين غالبا ما يكونون الأكثر هشاشة في مواجهة الجماعات المتطرفة.
وأبرز الوفد أنه “في مواجهة انتشار الخطاب المتطرف، يجب علينا في المقابل نشر خطاب مستنير، يحمله العلماء والوعاظ والواعظات، المدربون على تفكيك أيديولوجيات الكراهية”، داعيا إلى توفير مسارات للمصالحة وإعادة إدماج أولئك الذين ينفصلون عن هذه الأيديولوجيات، ليس من باب التساهل، ولكن من أجل كبح دوائر والحلقات المفرغة للتطرف.
كما دعا في هذا الصدد إلى كسر آليات التلقين من خلال استئصال الروايات المتعصبة، التي تسلح العقول قبل الأيدي، من مصدرها.
وخلص الوفد المغربي إلى أنه في هذه المعركة، يظل تعزيز القدرة على مواجهة هذا التحدي أمرا ضروريا، وذلك على ثلاثة مستويات، تشمل دعم وسائل العمل الوقائي والإنذار المبكر، وضرورة توفير الفرص الاقتصادية والاجتماعية كخط دفاع أول ضد التطرف، واليقظة في مواجهة تسلل التيارات المتطرفة والإرهابية والروابط التي تقيمها