على الطريق الرابطة بين بومالن دادس ومسمرير بإقليم تنغير، يتنقل نحو عشرة سائحين أجانب على متن دراجاتهم النارية الكبيرة، بكل حماس وشغف وندية كبيرة، على ضفاف وادي دادس وتشكلاته الجيولوجية المذهلة.
وتظل “تيسدرين”، الذي يعني “الممر” بالأمازيغية، بلا شك، إحدى المقاطع الأكثر شهرة التي تؤثث مضايق دادس، حيث تتعرج الطريق على ارتفاع يبلغ حوالي 400 متر من أعلى نقطة إلى أعمق نقطة في الوادي.
“أنا أستمتع بأفضل رحلة قمت بها في حياتي”، يقول ألكسندر، السائح الهولندي الذي توقف للتو عند أعلى منطقة في المضايق للتملي بجمال التضاريس الصخرية.
“لقد زرت العديد من الأماكن في العالم، في أستراليا، وفي نيوزيلندا، وفي كازاخستان… لكن هذا الموقع يظل بلا شك أحد أفضل الأماكن للقيام برحلة على متن دراجة نارية”، يضيف هذا السائح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، وهو في زيارة إلى المغرب برفقة مجموعة من راكبي الدراجات النارية من النمسا وألمانيا.
فضلا عن المناظر الطبيعية الخلابة التي تزخر بها تيسدرين، تتيح مضايق دادس للزوار فرصة ممارسة رياضة المشي لمسافات على طول الوادي الذي يمتد بمحاذاة الأخاديد والتجول في حدائق أشجار الزيتون واللوز والنخيل قبل الوصول إلى المخيمات والمأوي التي تقدم تجربة سياحية مختلفة تماما والانغمار في الثقافة المحلية وأساليب حياة السكان.
تجربة غامرة عاشها فابيان، السائح الفرنسي الذي قال إنه “انبهر” بجمال مضايق دادس، ولكن أيضا بحفاوة الاستقبال وكرم ضيافة سكان المنطقة. وأضاف فابيان، الذي يستكشف المملكة لأول مرة، متنقلا عبر سيارة التخييم، “إن مضايق دادس تعد واحدة من الوجهات السياحية الجميلة التي يزخر بها المغرب”.
إن جمال مضيق دادس أخاذ إلى درجة أن شركات الإعلان العالمية حطت فيه الرحال للترويج لعلاماتها التجارية، مثل شركة السيارات الشهيرة (كاديلاك)، التي قررت في عام 2012 تصوير فيديو ترويجي لسيارتها “كاديلاك ATS ” في تيسدرين المذهلة.
كما شهدت مضايق دادس في عام 2018 إنجازا كبيرا حققه الإيطالي فابيو باروني الذي حطم الرقم القياسي العالمي للسرعة لأكثر الطرق إثارة في العالم على منعرجات “تيسدرين” على متن سيارته فيراري 458.
لقطع مسافة 8 كيلومترات من الطرق المذهلة، حققت سيارته ذات 620 حصانا، توقيتا قدره 4 دقائق و42 ثانية و65/100، ليسجل الايطالي اسمه في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
وفي هذا الصدد، يؤكد المسؤولون المحليون في قطاع السياحة على أهمية ابتكار العروض السياحية لتعزيز جاذبية إقليم تنغير بصفة عامة ومضايق دادس بصفة خاصة.
وفي هذا السياق، أوضح مندوب السياحة بورزازات – زاكورة – تنغير، محمد لغظف الشيخ ماء العينين، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن خارطة الطريق الوطنية للسياحة 2023-2026 تمثل فرصة استراتيجية لإدراج تنغير ضمن الوجهات السياحية الكبرى بالمغرب، مضيفا أن الإقليم بفضل موقعه المتميز وتراثه الثقافي الغني ومميزاته المتعددة، يمكنه أن يصبح وجهة متكاملة تلبي احتياجات جميع فئات السياح، من محبي المغامرة والرياضات إلى المولعين بالتراث والثقافة.
وبعدما أشاد المسؤول بالجهود المبذولة لتحسين العرض السياحي، دعا إلى تعزيز الترويج للمنطقة عبر المنصات الرقمية وتحفيز الاستثمار الخاص من أجل جذب المزيد من الزوار وزيادة نسبة ملء المؤسسات السياحية.
وذكر، في هذا الصدد، برصد ميزانية قدرها 460 مليون درهم إلى غاية 2026 تشمل 13 مشروعا تهم على الخصوص النهوض بالسياحة، وتطوير المنتجات السياحية المبتكرة، وخلق أنشطة مدرة للدخل، والتسويق المجالي لإقليم تنغير على المستويين الوطني والدولي.
أكثر من مجرد طريق يستخدمه السكان المحليون منذ القدم، أصبحت المنعرجات البانورامية لتسدرين وجهة سياحية شهيرة لمحبي المغامرة والإثارة وواحدة من أكثر المواقع الجاذبية المصورة على موقع إنستغرام في العالم.