مصطفى الرميد يحذر: التعديلات على مدونة الأسرة قد تُفاقم التراجع السكاني

 

دعا مصطفى الرميد، المحامي ووزير العدل والحريات السابق، إلى ضرورة التريث في إقرار التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، مشددًا على أن هذه التعديلات ينبغي أن تكون مدروسة بعناية لتساهم في معالجة التراجع الديمغرافي بدلاً من تفاقمه. وأكد الرميد أن اتخاذ قرارات متسرعة قد يترتب عليه مزيد من الانحدار السكاني، وهو أمر لا يخدم مصالح البلاد على المدى البعيد.

 

وفي تدوينة نشرها عبر صفحته الرسمية بموقع فايسبوك، أشار الرميد إلى أهمية إعادة النظر في أولوياتنا والتفكير بعُمق في مستقبل المغرب والأجيال القادمة، محذرًا من أن التراجع الديمغرافي قد يؤدي إلى فقدان أحد أهم مقومات الدولة، بسبب حسابات قصيرة الأمد ونظرة غير شمولية للواقع.

 

وتوقف الوزير السابق عند نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، التي أظهرت تراجعًا مثيرًا للقلق في معدلات الخصوبة، حيث انخفض المعدل الوطني من 2.5% سنة 2004 إلى 1.97% سنة 2024. وأوضح الرميد أن هذا الانخفاض الحاد انعكس على حجم الأسر المغربية، الذي تقلص من متوسط 5.3 أفراد سنة 2004 إلى 3.9 أفراد سنة 2024، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للتوازن المجتمعي.

 

علاوة على ذلك، أبرز الرميد أن هذا التراجع ترافق مع انخفاض ملحوظ في نسبة النمو السكاني، التي تقلصت من 1.38% بين 1994 و2004 إلى 0.85% بين 2014 و2024. واعتبر أن هذه الأرقام تستوجب تحركًا عاجلًا لفتح نقاش وطني شامل حول سبل مواجهة هذه الظاهرة الديمغرافية.

 

وفي السياق ذاته، انتقد الرميد ضعف النقاش العمومي حول معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى، مؤكدًا أهمية التمعن في نتائجه باعتبارها قاعدة أساسية لدراسة الأوضاع الاجتماعية والديمغرافية للأسر المغربية.

 

وأشار الرميد إلى أن مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 أظهرت وعيًا كبيرًا بأهمية العامل الديمغرافي، حيث اعتبرت الزواج “ميثاق ترابط وتماسك غايته العفاف وتكثير سواد الأمة”، وهو ما غاب عن مدونة الأسرة المطبقة منذ سنة 2004. ودعا إلى تضمين البعد الديمغرافي في أي إصلاح تشريعي يخص الأسرة، لضمان استدامة التوازن المجتمعي وتحقيق مصلحة الأجيال القادمة.

 

وعلى صعيد التعديلات، وافق المجلس العلمي الأعلى مؤخرًا، خلال جلسة ترأسها الملك محمد السادس بالقصر الملكي بالدار البيضاء، على مجموعة من التعديلات المقترحة، منها إيقاف بيت الزوجية عن الدخول في التركة، واستمرار حضانة المطلقة لأطفالها حتى في حالة زواجها مجددًا، ومنح الأم الحاضنة حق النيابة القانونية عن أطفالها، بالإضافة إلى الاعتراف بمساهمة الزوجة في تنمية الأموال المكتسبة أثناء الزواج، بما في ذلك عملها المنزلي.

 

كما أقر المجلس بوجوب النفقة على الزوجة بمجرد عقد الزواج، وجعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة مقدمة على غيرها. في المقابل، رفض المجلس العلمي الأعلى بعض المقترحات، مثل استخدام الخبرة الجينية لإثبات النسب، وإلغاء قاعدة التعصيب في الميراث، والتوارث بين المسلم وغير المسلم.

 

وختامًا، شدد الرميد على ضرورة أن تكون الإصلاحات التشريعية وسيلة لمعالجة القضايا الاجتماعية والديمغرافية، مع الحفاظ على التوازن المجتمعي ومراعاة مصلحة الأجيال القادمة.

 

إقرأ أيضا…

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة