واستهلت السهرة بعرض لفرقة الركبة “أهل السلام” من زاكورة، التي أعادت للجمهور نبض الفنون الصحراوية بطقوسها الجماعية وأهازيجها الحماسية، تلتها وصلة للفنان سعيد الشرادي ومجموعته، الذين نقلوا الحضور إلى عوالم الصحراء الحسانية بنغماتها الدافئة وإيقاعها المتأصل في حياة البدو الرحل.
واعتلت بعد ذلك فرقة ناس الغيوان الخشبة وسط هتافات وتصفيقات مدوية. وما إن انطلقت أولى نغماتها، حتى تحولت المنصة إلى فضاء مشترك للحنين، حيث رددت الجماهير كلمات الأغاني عن ظهر قلب، في لحظة غنائية استثنائية أعادت إلى الواجهة زمن الكلمة الملتزمة وروح الإبداع الجماعي.
وأعقبت وصلة الغيوان فرقة “ميركوت” القادمة من فرنسا، بعرض متنوع الإيقاعات، استحضرت فيه الموسيقى الشرقية والمغاربية والأناضولية في توليفة فريدة، ثم فرقة “إمرهان تيمبوكتو” القادمة من مالي وفرنسا، التي مزجت بين البلوز الطوارقي والروك المعاصر، لتختتم الأمسية بصوت الفنان المحلي إبراهيم لغفيري، الذي أنشد إيقاعات الصحراء، حاملا جمهوره في رحلة نحو جذور المكان ودفء أناسه.
وقال الفنان سعيد الشرادي في تصريح للصحافة عقب الحفل، إن”مشاركته في هذه الدورة تشكل لحظة فنية ووطنية بامتياز، لما للمهرجان من دور بارز في رد الاعتبار للثقافة الحسانية والصحراوية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية الجامعة، التي توحد الشمال بالجنوب، والجبال بالصحراء”.
وأكد الفنان أن أغانيه، المستلهمة من الذاكرة الحسانية، ليست مجرد إبداع فني، بل هي احتفاء متجدد بعمق الانتماء إلى وطن متنوع الثقافات ومتجذر في تاريخه الصحراوي.
من جهته، أعرب إبراهيم لغفيري، في تصريح مماثل، عن سعادته بالمشاركة في هذا الفضاء الثقافي الذي يحتضنه مسقط رأسه، قائلا إن “محاميد الغزلان ليست فقط نقطة عبور، بل هي روح متجذرة في رمال الصحراء”.
وأضاف أن أداءه على خشبة المهرجان هو بمثابة عودة إلى الذات واحتفاء بالانتماء المحلي في بعده الوطني، مشيدا بما تحقق في المدينة من إشعاع ثقافي وتراكم إبداعي عبر سنوات المهرجان.
وجاءت هذه السهرة الكبرى تتويجا ليوم حافل من فعاليات المهرجان، الذي يواصل، في عامه العشرين، تأكيد موقعه كملتقى للثقافات، وفضاء للتسامح، ومنصة تحتفي بما تحمله الصحراء من أصالة، وحكمة، وشاعرية.