مبادرات التضامن مع فلسطين: بين تأكيد الحاجة للمساعدة وإلغاء مظاهر الاحتفال

 

في خضم الأزمة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جراء الحرب المستمرة، شهدت المملكة المغربية على مدار العام المنصرم تصاعدًا لافتًا في الأشكال الاحتجاجية والتضامنية مع الشعب الفلسطيني. حيث انطلقت المئات من المبادرات الشعبية والمظاهرات على مختلف الأصعدة، تعبيرًا عن الدعم والتضامن مع غزة في محنتها. ومع اقتراب السنة 2025، تبرز دعوات من فعاليات سياسية ومدنية لتكثيف هذه المبادرات، التي شهدت زخماً لافتًا على مدار عام 2024.

 

لكن هذه الدعوات تأتي في إطار نقاش مجتمعي متباين حول ضرورة إلغاء مظاهر الاحتفال برأس السنة الميلادية. هناك من يرى أن الاحتفال بهذه المناسبة يجب أن يُغتنم لتكثيف المبادرات التضامنية لصالح غزة، في حين يعتبر آخرون أن الاحتفال وسط تدفق دماء الفلسطينيين قد يُعتبر غير سليم في هذه الظروف المأساوية.

 

وفي هذا السياق، انتشرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل مواطنين مغاربة يعلنون عن استحالة احتفالهم برأس السنة الميلادية، معتبرين أن من غير الممكن الاحتفال في ظل استمرار قصف المنازل في غزة وارتقاء الشهداء يوميًا. بعض هذه المنشورات رافقها صور تعكس المفارقة الحادة بين زينة عيد الميلاد وشجرة الميلاد المضاءة، في مقابل الصور التي تظهر نيران القصف في غزة أو سيارات إسعاف تحمل جثامين الشهداء.

 

هذه الدعوات للتضامن تُذكّر بتجارب مشابهة في دول أخرى. ففي لبنان، على سبيل المثال، حيث يعاني المواطنون من تداعيات الحرب على غزة بشكل مباشر، قرر العديد منهم الاحتفال برأس السنة الميلادية كرسالة دعم لإرادة الحياة في مواجهة الألم، مؤكدين أن الاحتفال ليس مجرد فرح، بل هو أيضًا رمز للصمود والتمسك بالأمل. هذا الرأي يجد من يدعمه في المغرب، حيث يُستند إلى ضرورة الحفاظ على روح التضامن الإنساني، رغم الجراح المفتوحة في غزة.

 

من جهة أخرى، يرى البعض أن الاحتفال في ظل هذه الأوضاع يعد ترفًا غير مبرر، ويجب أن يتم استثمار المناسبة في تنظيم حملات دعم ملموسة، مثل جمع التبرعات لتوفير الغذاء والأدوية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. هذا الرأي يعكس تعاطفًا عميقًا مع معاناة الفلسطينيين ويؤكد على الأولوية التي يجب أن تُعطى للتخفيف من مآسيهم بدلًا من الانشغال بمظاهر احتفالية.

 

الجدل حول احتفالات رأس السنة يعكس تباينًا في وجهات النظر داخل المجتمع المغربي، إلا أنه يظل بمثابة تجسيد حي للمواقف التضامنية الشعبية مع فلسطين. وبينما تتعدد الآراء، يبقى التأكيد على ضرورة تعزيز المبادرات الإنسانية ودعم الفلسطينيين في محنتهم هو الهدف الأسمى للجميع، سواء من خلال الوقوف إلى جانبهم في احتجاجات أو من خلال تحفيز العمل التطوعي والمبادرات الميدانية.

 

 

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة