جهاز الاتصالات المعروف بـ “بيجر” هو نوع من أجهزة النداء أو الاستدعاء التي تُستخدم في التواصل الفوري. يعمل البيجر عن طريق تلقي الرسائل النصية أو الإشعارات عبر موجات الراديو. يُستخدم لتجنب الاختراق والحفاظ على مستوى عالٍ من الأمان، ولكن هذا لم يحدث في لبنان.
من شركة “Gold Apollo” التايوانية الى شركة BAC Consulting
مع ظهور صور “البيجر” المنفجر المستخدم في عمليات الاغتيال الجماعية، توجهت الأنظار مباشرة من لبنان إلى تايوان مروراً بالاحتلال الإسرائيلي. ملصق على البيجر المنفجر يظهر انه صُنع في شركة “Gold Apollo” في تايوان.
تحقيقات حزب الله، والتي اتفقت معها تقارير صحفية عالمية، أظهرت أن مواد متفجرة كانت متواجدة داخل أجهزة “البيجر” التي تم توريدها إلى لبنان وحزب الله.
تلك المواد تنفجر بعد وصول رسالة نصية بمدة أربع ثوانٍ، حيث تعمل الرسالة بطريقة ما سيبرانياً على إثارة الليثيوم في البطارية ورفع درجة حرارتها، مما يؤدي إلى انفجار المادة المزروعة ويزيد من حجم الضرر.
نعود إلى الشركة المصنعة في تايوان التي نفت أنها باعت تلك الأجهزة بشكل مباشر إلى لبنان. ولكنها باعتها عن طريقة شركة تسويقية موجودة في هنغاريا تحت اسم BAC Consulting تمتلك عقداً تسويقياً معها.
وتعتقد الشركة المصنعة أن المواد المتفجرة تم زرعها في الأجهزة قبل توريدها إلى حزب الله. يقول مالك شركة المصنعة Gold Apollo إنه كرجال أعمال وشركة ناجحة لن يدمر سمعته وشركته ومستقبله بفعل مماثل.
مديرة شركة التسويق في هنغاريا، كريستينا أرنشيدياكونو، كانت مسؤولة عن عمليات البيع والتسويق، ولكن المفاجأة الأكبر هي أن الشركة كانت وهمية وأنشأها الموساد الإسرائيلي.
نفذت الشركة عمليات بيع حقيقية إلى زبائن في الشرق الأوسط ودول أخرى على مر السنين بهدف إقناع حزب الله بأنها شركة حقيقية، للوصول إلى الهدف المنشود.
عملية اسرائيلية
الشركة الهنغارية BAC Consulting في الحقيقة شركة إسرائيلية، وقد تم إنشاء شركتين إضافيتين على الأقل بهدف إخفاء الهوية الحقيقية لملاك الشركة الفعليين من ضباط الموساد. ورد أيضاً اسم شركة بلغارية تُدعى “Norta Global” كمشاركة أيضاً في عملية التمويه والتوريد.
كل ذلك كان ضمن عملية إسرائيلية تهدف إلى اختراق سلسلة التوريد لأجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله.
في مقابلة أجراها رئيس جهاز الموساد السابق، يوسي كوهين، في سبتمبر 2023، قبل الحرب بشهر، قال: “نريد أن نكون في سلسلة التوريد الخاصة بهم، ونريد أن نتدخل فيها.”
بداية العملية
العملية بدأت العمل عليها قبل سنوات، وتم التوريد الأول للأجهزة في صيف 2022.
في البداية، لم يتم زراعة المتفجرات، وبعد ذلك تم زراعة نسبة صغيرة منها تدريجيًا، حتى وصلوا إلى العدد المطلوب دون إثارة الشبهات.
يُعتقد أن أحد الزبائن من الشرق الأوسط، الذي استورد من شركة BAC Consulting، هو من كان السبب في تأمين الاتصال بين حزب الله والشركة.
هذا الزبون حصل على المنتجات دون أي مشاكل ولم تُزرع فيها أي متفجرات.
الهدف الأساسي والوحيد للشركة كان حزب الله.
كان الهدف من العملية تنفيذها عند بداية حرب شاملة مع حزب الله، حيث كانت الخطة تهدف إلى قطع الاتصال الداخلي للتنظيم، وضمان عدم توفر الوقت الكافي لحزب الله للبحث عن بدائل.
لكن ذلك لم يحدث كما كان مخططاً.
وصلت معلومات للموساد تفيد بأن اثنين من عناصر حزب الله اكتشفوا ما يحدث، وكانوا في طريقهم لفحص المزيد من الأجهزة للتأكد من وجود المتفجرات.
إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فإن ذلك كان سيؤدي إلى فشل العملية التي تم التخطيط لها وتنفيذها على مدار سنوات.
تم اتخاذ القرار بتنفيذ العملية فوراً، وأُعطيت التعليمات للإعلام العبري لنشر معلومات تحفز على إثارة حرب محتملة، والتأكيد على أن الجبهة الشمالية مشتعلة وأن الجيش الإسرائيلي مستعد لشن هجوم.
الهدف من هذه الأخبار هو دفع حزب الله إلى عدم ترك أجهزتهم وراءهم، وأن يكونوا في حالة استعداد دائم.
الأهم هو جعلهم يقرأون الإشعارات التي تصل إلى أجهزة “البيجر” خلال أربع ثوانٍ من إرسالها، مما يؤدي إلى تفجيرها بشكل مباشر في الوجه ويزيد من حجم الأضرار والضحايا.
“المرحلة الثانية”
في اليوم التالي، وقعت موجة ثانية من التفجيرات، والتي أسميها “المرحلة الثانية”. هذه المرحلة تضمنت أجهزة من نوع مختلف، من صناعة يابانية تابعة لشركة “icom”، ويُعتقد أن الشركة الهنغارية ذاتها كانت مسؤولة عن توريد هذه الأجهزة أيضاً.
أسميها “المرحلة الثانية” لأنني أعتقد أنه بعد تفجير أجهزة البيجر في اليوم الأول، لجأ حزب الله إلى أجهزة أخرى بديلة، وهنا وقع تفجير أجهزة “icom”. هذا يفسر انتظار الموساد يوماً آخر للتنفيذ على مرحلتين، للتأكد من استخدام أكبر عدد ممكن من أجهزة “icom” وهذا الجهاز مستخدم مدنياً أيضاً.
حتى الآن لا توجد تفاصيل كثيرة عن المرحلة الثانية.
العملية الإسرائيلية نجحت في الاختراق والتفجير، لكنها لم تحقق التأثير المطلوب بالوقت المرغوب. لذلك، كانت الأضرار العسكرية المحتملة على حزب الله يمكن أن تكون أكبر بكثير.
حزب الله أفاد بأن الأجهزة الملغمة وصلت قبل ثلاثة شهور، بينما ذكر الإعلام العبري والأمريكي أن الموساد استطاع تلغيم أكثر من 5000 جهاز والعملية اخذت سنوات من التخطيط والتنفيذ.
ورقم 5000 يثير الشكوك أكثر، فقد يكون هناك أجهزة أخرى وأنواع أخرى تم تلغيمها وتوريدها عبر شركات وهمية أخرى.
تلك المعلومات استندت إلى تقارير من مصادر مثل رويترز، نيويورك تايمز، هآرتس، والقناة 13 العبرية، بالإضافة إلى بيانات صادرة عن حزب الله.
اكتشاف المزيد من مغربنا24 - Maghribona24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليقات ( 0 )