في مشهد يُعيدنا عقودًا إلى الوراء، أعلنت الشركة الوطنية للسكك الحديدية في الجزائر عن إعادة تشغيل القطار الدولي الرابط بين عنابة وتونس، وكأنها تُبشّر بفتحٍ اقتصادي كبير، في وقت تعيش فيه البلاد عزلة إقليمية غير مسبوقة. ولكن، هل هذه الخطوة تمثل فعلًا قفزة نحو المستقبل، أم أنها مجرد خطوة أخرى تُكرّس القطيعة مع الجيران الحقيقيين؟
بينما يلهث العالم وراء مشاريع الربط الطموحة التي تعزز التعاون الإقليمي، اختارت الجزائر طريقًا عكسيًا، بإحياء خط قطار إلى تونس، متجاهلة كليًا أهمية الربط مع جارتها الغربية، المغرب، الذي يمثّل الشريك الطبيعي والأقرب اقتصاديًا واجتماعيًا. فعوضًا عن إعادة تشغيل خطوط السكك الحديدية المغلقة منذ عقود مع الرباط، تكرّس الجزائر قطيعتها المفتعلة، مُضيّعة بذلك فرصًا اقتصادية هائلة على شعبها قبل غيره.
قد تبدو الأسعار المُعلنة جذابة في ظاهرها، حيث تبدأ من 1640 دينارًا جزائريًا للدرجة الثانية، ولكن هل هذا حقًا خيار مثالي للمسافر الجزائري؟ رحلة تدوم أكثر من 9 ساعات في عربات معروفة بتواضع خدماتها، في وقت يمكن فيه للطائرات منخفضة التكلفة نقل المسافرين بسرعة وراحة أكبر! أم أن الأمر مجرد دعاية للاستهلاك المحلي دون رؤية اقتصادية حقيقية؟
السؤال المطروح هل تخشى الجزائر من حقيقة أن الربط مع المغرب سيُظهر حجم الفجوة الاقتصادية بين البلدين، بعدما تحولت المملكة إلى مركز تجاري وصناعي إفريقي متقدم؟، بينما لا تزال الجزائر حبيسة سياسات تعود إلى الحرب الباردة.