عبرت الهيئة الوطنية للعدول عن استيائها الشديد إزاء مشروع قانون المالية لعام 2025، واعتبرت ما جاء فيه من مقتضيات قانونية تهدد ما وصفته بـ “الأمن المهني” للسيدات والسادة العدول. وفي بيان أصدرته الهيئة، أكدت رفضها الصريح لبعض بنود المشروع، وعلى رأسها المادة 206 مكرر، التي تقضي بفرض جزاءات وغرامات مالية على العدول في حال وقوع أخطاء أثناء التسجيل الإلكتروني للعقود والشهادات الرسمية العدلية.
ويرى العدول أن هذه الغرامات تشكل عبئًا إضافيًا عليهم، خاصةً في ظل الجهود الكبيرة التي يبذلونها للتكيف مع مشاريع الرقمنة التي أطلقتها الدولة لتحسين مستوى الخدمات العدلية وتسهيل وصول المواطنين إليها. وأشار البيان إلى أن العدول قد انخرطوا بكل جدية ومسؤولية في ورش التحول الرقمي للقطاع، مؤكدين التزامهم بدعم تحديث الخدمات العدلية وتطويرها بما يتماشى مع الرؤية الوطنية للرقمنة.
وصرح أحد أعضاء الهيئة بأن فرض مثل هذه الغرامات المالية على العدول يعد غير منصف، إذ تفرض العقوبات دون مراعاة التحديات التقنية والبشرية التي تواجه المهنة خلال مرحلة التحول الرقمي. وأضاف أن الخطأ البشري قد يكون واردًا في بعض الحالات، ولكن تحميل العدول مسؤولية مالية كبيرة، قد يؤثر سلبًا على استقرارهم المهني ويزيد من الضغوط عليهم في ممارسة مهنتهم.
كما أشارت الهيئة إلى أن العدول بذلوا جهودًا ملموسة للمساهمة في تطوير النظام العدلي، وأنهم كانوا من أوائل المهنيين الذين انخرطوا في استخدام الأنظمة الرقمية في توثيق العقود والشهادات. وطالبت الهيئة بإعادة النظر في بنود القانون، لا سيما فيما يتعلق بالعقوبات المالية المقترحة، داعية الحكومة إلى فتح حوار مباشر مع ممثلي العدول لمناقشة حلول أكثر مرونة وعدالة.
ويرى بعض المراقبين أن مشروع قانون المالية الجديد يعكس رغبة الدولة في تعزيز الشفافية والحد من الأخطاء في العمليات العدلية، إلا أن هذا التوجه يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التحديات العملية التي يواجهها العاملون في هذا القطاع. ويشدد العدول على ضرورة توفير الدعم التقني والتدريب المستمر لتحسين دقة وفعالية التسجيل الإلكتروني، بدلاً من فرض غرامات قد تعرقل مسار التطوير وتعزز الشعور بعدم الأمان المهني لدى العاملين في المجال العدلي.
وفي الختام، جددت الهيئة الوطنية للعدول دعوتها إلى مراجعة مشروع القانون وضمان شروط عادلة تحمي العاملين في القطاع، مع الحفاظ على جودة الخدمات العدلية المقدمة للمواطنين.