عندما تبيع الصحافة الوهم: الجزائر تصبح جنة سياحية فجأة!

في مشهد يبدو وكأنه خرج من قصص الخيال، استيقظ الجزائريون صباحًا ليجدوا بلادهم فجأة تحولت إلى الوجهة السياحية الأولى في شمال إفريقيا، متفوقة على المغرب، بفضل تقرير نشره موقع أمريكي مغمور. هذا التقرير، الذي تناقلته صحيفة “الجزائر الآن” بحماس منقطع النظير، يزعم أن الجزائر، التي بالكاد تستقبل مليون سائح سنويًا، باتت الخيار الأمثل للمسافرين الباحثين عن “الأصالة” والبعد عن “الحشود السياحية” في المغرب.

 

المثير للسخرية أن الصحيفة الجزائرية قدمت التقرير وكأنه وثيقة رسمية صادرة عن منظمة السياحة العالمية، متجاهلة أن المغرب، الذي تتحدث عنه بسلبية، استقبل في عام 2024 أكثر من 17مليون سائح، بينما الجزائر لا تزال تحلم بتجاوز حاجز الـ 3 ملايين. لكن لا بأس، فمن قال إن الأرقام مهمة عندما يكون الهدف هو بيع الأوهام بدلًا من التذاكر السياحية؟

 

بحسب التقرير الذي احتفت به “الجزائر الآن”، فإن الجزائر تقدم تجربة سياحية أكثر “أصالة” وأقل ازدحامًا، وهو أمر صحيح إلى حد كبير، ليس بسبب جاذبية البلد، ولكن لأن القطاع السياحي هناك بالكاد يكون شبه موجود. فلا بنية تحتية سياحية تنافسية، ولا خدمات تلبي الحد الأدنى من المعايير الدولية، فضلًا عن نظام التأشيرات الذي يبدو أنه مصمم خصيصًا لردع السياح بدلًا من جذبهم.

 

في المقابل، بينما يُنصح السياح بـ”الهروب” من الحشود في المغرب، يتهافت المستثمرون العالميون على تطوير السياحة فيه، حيث يزخر بفنادق فاخرة، وطرق حديثة، وخدمات تنافس كبرى الوجهات العالمية، بينما لا يزال العالم الٱخر يحلم بجذب الزوار عبر مقالات دعائية، وكأن السياح سيحجزون رحلاتهم بناءً على توصية من موقع أمريكي لا يعرفه أحد.

 

من المفارقات المضحكة أن التقرير ركز على أن الجزائر توفر فنادق بأسعار أرخص من المغرب، وكأن انخفاض الأسعار هو المعيار الوحيد للجذب السياحي. فالحقيقة أن الفارق في الأسعار لا يعكس ميزة، بل يعكس مستوى الخدمات المتاحة، فمن الطبيعي أن يكون سعر فندق في الجزائر أقل عندما تكون خيارات الرفاهية شبه معدومة، وعندما يكون أكبر طموح السائح هناك هو الحصول على وجبة لائقة وإنترنت يعمل بشكل منتظم.

 

ما لم تذكره الصحيفة الجزائرية هو أن المغرب يحتل باستمرار مراكز متقدمة في تصنيفات السياحة العالمية، بفضل استثماراته الضخمة في البنية التحتية، ومدنه السياحية العالمية مثل مراكش، وأكادير، وفاس، التي تجذب ملايين الزوار سنويًا. في حين لا تزال الجزائر تتخبط في محاولة بناء صورة سياحية، مستخدمة تقارير إعلامية لإقناع العالم بأنها “الوجهة السرية التي لم تُكتشف بعد”، وهي وجهة لا يزورها حتى مواطنوها، إذ يفضلون قضاء عطلهم في تونس أو المغرب.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة