أكد سفير جلالة الملك بنيودلهي، محمد مالكي، أن المغرب يتموقع كمنصة بارزة للشركات الهندية الساعية للتصدير نحو الأسواق الأخرى، لاسيما في قطاع الدفاع.
وقال السيد مالكي، في حوار مع المجلة الهندية “انديا اند ذ ورلد”، إن المغرب، بفضل موقعه الجغرافي و اتفاقات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، “يمكن أن يشكل حاضنة للشركات الهندية الراغبة في الولوج للأسواق الرئيسية”. وأوضح أن هذه المزايا الاستراتيجية أقنعت العديد من المستثمرين الدوليين، مضيفا أن الهند ليست استثناء، وهو ما يتجلى من خلال تأسيس فرع شركة “تاتا ادفانس سيستيمز” بالمغرب لبناء أول مصنع مخصص لصناعة الدفاع خارج الهند، وهو ما يوضح “قدرة المملكة على الاستجابة للمعايير الدولية في مجال الدفاع والتصنيع”.
وأبرز الدبلوماسي أيضا التطور الحالي الذي تشهده صناعة الدفاع المغربية، حيث يمكن للهند أن تضطلع بدور رئيسي، مشيرا إلى أن البلد الآسيوي “حقق تقدما ملحوظا في مجال الدفاع والتصنيع التنافسي. ويمكن أن تجد هذه الخبرة فرصة طبيعية في المغرب، الذي يهدف لتعزيز استقلاليته وقدراته الصناعية”. وسجل السيد مالكي أنه إلى جانب قطاع الدفاع ، يمتد التعاون المغربي الهندي إلى مجالات استراتيجية أخرى، مذكرا أن تطور العلاقات بين البلدين عرف دينامية استثنائية منذ زيارة جلالة الملك محمد السادس لنيودلهي سنة 2015.
وأضاف أنه بمناسبة هذه الزيارة التاريخية، تقرر الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهو اتفاق يروم تعزيز القطاعات التقليدية مع استكشاف مجالات رئيسية من قبيل الدفاع، والأمن السيبراني، والاستكشاف الفضائي، والأمن البحري، ومكافحة الإرهاب.
وعلى المستوى الاقتصادي، أشار إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب والهند كانت تبلغ حوالي 1 إلى 1,2 مليار دولار سنة 2015، قبل أن ترتفع إلى 4,2 مليار دولار في 2023 ، وهو تقدم ملحوظ بالنظر إلى المسافة الجغرافية والحواجز اللغوية. وتشمل التجارة الثنائية منتجات استراتيجية من قبيل الأسمدة، والفوسفاط، والمعدات الكهربائية، ومكونات السيارات، والصلب، والإطارات.
ولفت السيد مالكي إلى أن الإستثمارات عرفت أيضا نموا ملحوظا، مسجلا أن عدد الشركات الهندية العاملة في المغرب انتقل من 13 سنة 2015 إلى أكثر من 46 في 2025 ، بينما تعمل حوالي 200 شركة بشكل غير مباشر في المملكة. وأضاف أن “هذه الدينامية تدل على الإرادة المشتركة للبلدين لتسهيل الأعمال وتعزيز شراكة اقتصادية مستدامة”.
كما أبرز السفير الإمكانات القوية للتعاون بين الرباط ونيودلهي في قطاع السيارات. وقال إن “هذه الإمكانات حقيقية ومستغلة بالفعل”، مسجلا أن العديد من الشركات الهندية التي تشتغل في مجال مكونات السيارات، مثل “اي ام جير”، توجد في المناطق الصناعية المغربية. وأوضح أن “هذا التعاون ساهم في جعل المغرب قصة نجاح، حيث انتقل من بلد غير مصدر للسيارات إلى أول مصدر للسيارات في إفريقيا خلال 12 إلى 14 سنة فقط”.
وتابع قائلا “اليوم، ننتج أكثر من 700.000 سيارة، مع توقعات بإنتاج مليون على المدى القريب، ومعدل تكامل محلي يزيد عن 65 بالمائة. لقد قمنا أيضا بتطوير سيارة مغربية محلية، فضلا عن مركبة هيدروجين ثورية تعتمد على نوعية فريدة من الكبسولات القابلة لإعادة الشحن، مما يقدم حلا مبتكرا مقارنة بالتكلفة المرتفعة لمحطات شحن الهيدروجين”.
وأكد الدبلوماسي أنه بفضل بنيته التحتية الحديثة، التي تطورت بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، فإن المغرب قادر على مواكبة هذه الدينامية الصناعية، مضيفا أنه “يتم تكييف موانئنا خصيصا لدعم مختلف القطاعات، لاسيما الطاقة، والنقل، والتجارة، والصيد البحري، والمناجم والأسمدة، مع الاضطلاع بدور رئيسي في تطوير صناعة السيارات”. وسجل السيد مالكي أن قطاع الطاقات المتجددة يوفر أيضا إمكانات قوية للتعاون بين المغرب والهند، لاسيما في إطار التحالف الدولي للطاقة الشمسية.
وأشار في هذا الصدد إلى أن المغرب والهند يتوفران على برامج طموحة لتنمية إفريقيا، ويمكنهما توحيد الجهود من أجل نقل التكنولوجيا والتحديث الصناعي للقارة.
من جهة أخرى، شدد السفير على أن الروابط بين المغرب والهند لا تقتصر على التبادلات الاقتصادية والصناعية. وقال في هذا الصدد “لقد احتفلنا بالذكرى المئوية للسينما الهندية، من خلال تكريم نجوم هندية مثل أميتاب باتشان وشاه روخ خان”.
وخلص إلى أن هذا الرابط الثقافي، القائم على القيم المشتركة، “يساهم في تقوية التفاهم المتبادل بين شعبينا وتعزيز السلام والاستقرار في العالم”.