بينما تتوالى الأزمات السياسية، يبقى الملف الذي أطاح بوزير التعليم العالي ووزير الصحة السابقين عالقًا في دوامة من الوعود الفارغة، حيث يبدو أنه يراوح مكانه دون أفق واضح لحل يرضي الطلبة المتضررين. فقد أصدرت اللجنة الوطنية لطلبة الطب بلاغًا أكدت فيه أن نسبة مقاطعة الامتحانات بلغت أكثر من 90%. هذا التقدير يتعارض بشكل صارخ مع ما ذكره وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق، عبد اللطيف ميراوي، الذي أعلن أن نسبة المقاطعة لا تتجاوز 40%. وبحسب مصادر من داخل اللجنة، فإن الطريقة التي احتسبت بها وزارة التعليم العالي هذه الأرقام غير دقيقة، إذ من المتعارف عليه أن يتم احتساب الطلبة الذين قدموا الملف المطلبي فقط، وليس من لم يشملهم المشكل، مثل الطلبة في الكليات الخاصة أو العسكرية.
تشير اللجنة إلى أن النقاط الخلافية الأربع التي تتمحور حولها مطالبهم مدة التكوين، إعادة الموقوفين، إعادة مكاتب الطلبة، وضمان ظروف عودة جيدة للدراسة—تعد أساسية بالنسبة لهم. وتؤكد أن الطلبة يصرون على هذه المطالب ليس عن تعنت، بل لأنها تمثل جوهر حقوقهم الدراسية والمهنية. رغم تحديد سبع محطات لاجتياز الامتحانات، قاطع الطلبة جميعها، مما يوضح مدى جدية موقفهم.
علاوة على ذلك، تستمر الجلسات مع مؤسسة وسيط المملكة، حيث يأمل الطلبة في الوصول إلى تسوية شاملة. ومع ذلك، تندد اللجنة بتعاطي الحكومة مع الملف، مشيرةً إلى أن إضراب طلبة الطب، الذي تجاوز 300 يوم، هو الأطول في تاريخ الحركات الطلابية في المغرب. كما أشادت اللجنة بمجهودات مؤسسة الوسيط لكنها دعت في الوقت ذاته إلى اتخاذ موقف حازم تجاه العبثية في التعامل مع مطالبهم.
في سياق آخر، شهدت المحاكمة المرتبطة بالاحتجاجات التي وقعت في 26 شتنبر 2024 تأجيل أولى جلساتها إلى 20 نونبر 2024. المتهمون—28 طالبًا وطبيبًا داخليًايواجهون تهم العصيان وعدم الامتثال لأوامر السلطة، بالإضافة إلى التجمهر غير المسلح وغير المرخص. يأتي هذا التأجيل وسط حضور كثيف لمحامين تطوعوا للدفاع عن الطلبة، الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بالرباط تعبيرًا عن دعمهم لزملائهم.
وقد أثارت التدخلات الأمنية العنيفة التي جرت أثناء الاحتجاجات السابقة استياءً واسعًا في المجتمع، حيث أدانت الأوساط الحقوقية استخدام المقاربة الأمنية في التعامل مع مطالب الطلبة. وقد طالب الحقوقيون الحكومة بضرورة احترام الحق في التظاهر السلمي، وتعزيز مسار الحوار بدلًا من استخدام العنف، الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الاحتقان وزيادة تعقيد الأزمة التي تشهدها كليات الطب والصيدلة منذ دجنبر 2023.
في ختام هذه الأحداث، يبدو أن الوزارات التي تم إعفاؤها تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن تفاقم هذه الأزمة، إذ كان بالإمكان اتخاذ إجراءات فعالة لاحتواء الوضع ومنع تفشي التوتر بين الطلبة والحكومة.