رغم الادعاءات المتكررة بشأن الإنجازات “العظيمة” لشركة سوناطراك، يظل الواقع مختلفاً تماماً. هذه الشركة التي يُفترض أن تكون رمزاً للسيادة الوطنية وادارة الثروة المشتركة لكل الجزائريين، كانت ولا زالت أداة في يد”الكابرانات”، الذين يستغلون موارد البلاد لصالح مصالحهم الشخصية الضيقة، بينما يعاني الشعب الجزائري من الفقر والتهميش والبطالة والتخلف على مستوى البنى التحتية.
زيارة الرئيس المدير العام للشركة رشيد حشيشي لمركب “فرتيال” في عنابة وإعلانه عن “مشاريع تطويرية رائدة” لا يعدو أن بكون سوى استعراضات إعلامية ( كما العادة ) تهدف إلى إيهام الجزائريين بوجود رؤية اقتصادية طموحة. لكن الحقيقة أن هذه المشاريع تُدار من قبل لوبيات مقربة من النظام وتحت قبضة الكابرانات، والذين يغتنون من صفقات مشبوهة وتمويلات هائلة دون تحقيق نتائج ملموسة للشعب.
خطاب تعزيز الأمن الغذائي عبر صناعة الأسمدة والمواد الكيميائية يبدو مجرد غطاء آخر لاستنزاف ثروات البلاد. فالواقع يشير إلى أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لسد حاجياتها الغذائية، مما يضع البلاد في وضع هش أمام الأزمات العالمية. وفي الوقت نفسه، يتم إنفاق مليارات الدولارات على مشاريع ليس لها أي عائد او نفع على المواطن البسيط.
بينما تعاني مناطق واسعة من الجزائر من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب،يتم الإعلان محطة كودية الدراوش وغيرها من مشاريع تحلية المياه ،كجزء من استراتيجية وطنية. لكن هل يتساءل أحد عن تكلفة هذه المشاريع؟ ومن يستفيد منها فعلياً؟ يبدو أن الأولوية هي تنفيذ مشاريع مكلفة تخدم المدن الكبرى فقط، حيث تتمركز النخب العسكرية والسياسية.
وفي الوقت الذي يعيش فيه “الكابرانات” وأتباعهم حياة الرفاهية مستفيدين من عائدات النفط والغاز، يزداد معدل البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وسوء الخدمات الصحية والتعليمية. الاحتجاجات السلمية التي يطالب فيها المواطنون بحياة كريمة تقابل بالقمع والتجاهل، مما يزيد من إحساسهم بالغربة داخل وطنهم.
وبدلاً من أن تكون سوناطراك قاطرة لتنمية الاقتصاد الوطني، تحولت إلى عش يعشش فيه الفساد والمحسوبية وألية لتحديد أموال النفط والغاز في صفقات مشبوهة وتمويل حروب بالوكالة في إفريقيا.