رشيد نكاز.. المهرج التائه بين العواصم

لا يحتاج رشيد نكاز أو “نقاز” كما نقول بالدارجة المغربية للشخص المتهور، إلى كثير من الذكاء لكشف تناقضاته، فهو نموذج واضح لشخصية تبحث عن الجدل دون أن تمتلك مشروعًا سياسيًا واضحًا أو موقفًا ثابتًا. تارةً يدّعي النضال الحقوقي، وتارةً يتقمص دور القومي الجزائري المتطرف، وتارة اخرى يغازل الغرب بشعارات الديمقراطية، لكنه في الواقع لا يمثل سوى حالة صارخة من “السكيزوفرينيا السياسية”. نراه يحمل جنسيات متعدد الجزائرية، الفرنسية، والأمريكية عن طريق زوجته لكنه لم يكن يومًا وفيًا لأي منها، متنقلًا بين الدول كما يتنقل في مواقفه، دون أن يحقق شيئًا يُذكر سوى الضجيج الإعلامي.

 

فبعد فشل مشاريعه في فرنسا، وسقوطه المدوي في الجزائر حيث تعرض للسجن والإهانة قبل أن يطلب العفو من سيده تبون، قرر نكاز أن يجرب حظه في المغرب، ظنًا منه أنه يستطيع تمثيل مسرحية. لكنه واجه هذه المرة دولة تُحكم بالقانون، لا تُدار بالمهرجين. في خطوة تنم عن سطحية مدهشة، ظهر في مقطع فيديو قرب مسجد الكتبية في مراكش، مدعيًا أن الجزائر هي من شيّدته، ومشككًا في مغربية الصحراء، وكأنه مؤرخ اكتشف للتو أسرار التاريخ. لكن ما فعله لم يكن سوى محاولة يائسة لجذب الانتباه، بعد أن عجز عن تحقيق أي شيء يُذكر طوال مسيرته.

 

فقد تعامل المغرب مع هذه المهزلة بحكمة، حيث استجوبه وفق المساطر القانونية، ثم أطلق سراحه تمهيدًا لترحيله. لم يسقط أحدا في فخ الانفعال، ولم يعطى له أكثر من حجمه، على عكس بلده الأم، الجزائر التي زجت به في السجون بلا تحقيق عندما حاول اللعب في ملعبها. هنا نرى الفرق الجوهري بين الدولتين، المغرب دولة مؤسسات تُدار بالقانون، بينما الجزائر نظام متخبط يعاقب أبناءه ثم يعيد تدويرهم كأدوات دعائية حين تنفد أوراقه السياسية.

 

السؤال الذي يطرح نفسه: ترى من المستفيد من هذا العبث؟ ومن يدفع هذا الشخص للتنقل بين العواصم لمحاولة استفزاز هذا الطرف أو ذاك؟ من المؤكد أن الجزائر، التي تبدو فاقدة للبوصلة، أصبحت تلجأ لمثل هذه الأساليب بعدما عجزت عن مواجهة المغرب سياسيًا ودبلوماسيًا. في النهاية، المغرب مستمر في تعزيز مكانته الاقتصادية والإقليمية، بينما لا يجد خصومه سوى المهرجين ليتحدثوا بإسمهم، في مشهد يوثق الإفلاس التام.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة