كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كوليدج لندن (UCL) أن كبار السن في إنجلترا أصبحوا أكثر سعادة بعد جائحة كوفيد-19 مقارنة بما كانوا عليه قبل انتشار الفيروس. ومع ذلك، أظهرت النتائج ارتفاعًا طفيفًا في معدلات الاكتئاب بين هذه الفئة العمرية.
واعتمدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة “Aging & Mental Health”، على بيانات استطلاعية شملت حوالي 4 آلاف شخص تبلغ أعمارهم 50 عامًا وما فوق، وذلك خلال الفترة من 2012 إلى 2023.
وقام الباحثون بقياس مؤشرات السعادة، والرضا عن الحياة، والإحساس بالمعنى والهدف، بالإضافة إلى أعراض الاكتئاب.
وقد أظهرت النتائج تراجعًا في الصحة النفسية لكبار السن وارتفاعًا في معدلات الاكتئاب خلال أواخر عام 2020، بالتزامن مع ذروة القيود المفروضة بسبب الجائحة.
إلا أن الوضع تحسن بشكل ملحوظ منذ أواخر 2021 إلى 2023، حيث تجاوزت مستويات الرضا عن الحياة والإحساس بالمعنى ما كانت عليه قبل الجائحة.
وعلقت البروفيسور باولا زانينوتو، المؤلفة الرئيسية للدراسة وأستاذة الإحصاء الطبي والاجتماعي في UCL، بأن هذه النتائج قد تعكس “تقديرًا متجددًا للروابط الاجتماعية والأنشطة ذات المعنى، بالإضافة إلى زيادة المرونة النفسية بعد فترة من التحديات”.
وقد عرّفت الدراسة السعادة بأنها مزيج من المشاعر الإيجابية، والعلاقات الجيدة، والإحساس بالهدف والتحكم في الحياة، مما يسمح للأفراد بالازدهار. وقد يساعد هذا التعريف في تفسير سبب عدم تحسن معدلات الاكتئاب بالتوازي مع تحسن الصحة النفسية بعد الجائحة.
ووفقًا للدراسة، ارتفعت نسبة كبار السن الذين يعانون من أعراض الاكتئاب كبيرة من 11.4% قبل الجائحة إلى 27.2% في أواخر 2020، قبل أن تنخفض إلى 14.9% في الفترة من 2021 إلى 2023.
وأرجع الباحثون هذا الارتفاع إلى آثار انقطاع الرعاية الطبية والخدمات الأخرى لكبار السن خلال الجائحة.
ولم يستفد جميع كبار السن من التحسن في الصحة النفسية بعد الجائحة. فقد أظهرت الدراسة أن الأشخاص في الخمسينيات من العمر وأولئك الأقل ثراءً كانوا أقل رضا عن حياتهم مقارنة بكبار السن الأكثر ثراءً.
كما لاحظ الباحثون أن الأشخاص فوق 75 عامًا شهدوا تحسنًا أقل في مستويات الاكتئاب والرفاهية، ربما بسبب “الضعف المستمر” الناتج عن المشكلات الصحية والتكيف العقلي الأبطأ مع الأزمة.
وأكدت زانينوتو أن هذه الفوارق تُظهر “أهمية توفير سياسات دعم مخصصة للتعامل مع الآثار المباشرة والمستمرة للجوائح على رفاهية كبار السن”.
يُذكر أن الدراسة لها بعض القيود، حيث أن غالبية المشاركين كانوا من البيض، ونحو نصفهم متقاعدون، مما يعني أن النتائج قد لا تعكس تجارب جميع الفئات.
ومع ذلك، تتوافق هذه النتائج مع أبحاث سابقة أظهرت ارتفاعًا طفيفًا في الرضا عن الحياة في المملكة المتحدة منذ أوائل الثمانينيات.
ووفقًا لتقرير السعادة العالمي الصادر عن جامعة أكسفورد لعام 2024، احتلت المملكة المتحدة المرتبة العشرين بين 143 دولة.
وأشار التقرير إلى أن كبار السن في المملكة المتحدة أصبحوا “أكثر سعادة بشكل ملحوظ من الشباب”، وهي ظاهرة لوحظت أيضًا في دول مثل النرويج والسويد وألمانيا وإسبانيا وفرنسا.