بينما يغرق المواطن المغربي في وحل الغلاء، ويفقد الأمل في أي مبادرة حكومية جادة لتحسين مستوى معيشته، خرج عمر حجيرة، كاتب الدولة، بحل “عبقري” يعكس بوضوح مدى انفصال بعض المسؤولين عن الواقع: استبدال دفتر البقال”لي فيه السلك” كما قال حجيرة بوسيلة حديثة لتسجيل الديون! نعم، بعد سنوات من الانتظار والترقب، وبعد مطالب لا تُحصى بتوفير حياة كريمة للمغاربة، ها هو حجيرة يطلّ علينا بحل غير مسبوق، وكأن الأزمة الحقيقية ليست في الرواتب الهزيلة، أو الأسعار الملتهبة، أو الفقر المتزايد، بل في نوع الدفتر الذي يسجل فيه البقال ديون زبائنه!
فلينسَ المغاربة مطالبهم برفع الأجور، وخفض الضرائب، وضبط الأسعار، ومحاربة الاحتكار، فالحكومة مشغولة بمشاريع “إصلاحية” أعظم من ذلك: دفتر إلكتروني بدل الورقي! وكأن المواطن الذي لا يجد ما يسد به رمقه، سيشعر بالارتياح عندما يعلم أن ديونه لم تعد تُسجل بالقلم بل بتقنية أكثر حداثة! هل هذا هو دور كاتب الدولة؟ هل هذه هي الحلول التي اجتهدت الحكومة لإيجادها؟
المغاربة اليوم لا يحتاجون إلى وسيلة جديدة لتسجيل الديون، بل إلى سياسات تمنعهم من الحاجة إلى الاستدانة أصلًا. يحتاجون إلى قرارات جريئة تعيد لهم كرامتهم، لا إلى استعراضات كلامية تزيدهم إحباطًا. أما إذا كانت هذه هي “الإصلاحات الكبرى” التي يحملها بعض المسؤولين، فعلى المواطن المغربي أن يستعد لمزيد من الإبداعات الحكومية.. ربما يكون الاقتراح القادم هو “بطاقة وفاء” تمنح نقاط مكافأة لمن يستدين أكثر!