حراك كليات الطب والصيدلة وتعسف الوزير على القانون

ينص الفصل السادس من دستور المملكة المغربية على “…ليس للقانون أثر رجعي” وتنص مجموعة القانون الجنائي، في الفصل الرابع على ” لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان سارياً وقت ارتكابه”, وتنص قاعدة العقد شريعة المتعاقدين، على ” لا يجوز نقض العقد أو تعديله إلا باتفاق الطرفين، وعليه اذا انعقد العقد صحيحاً اكتسب قوة ملزمة من حيث مضمونه ومن حيث أشخاصه…”.

ومجال التذكير بهذه المقتضيات القانونية والدستورية، الواضحة والجلية والتي لا تحتمل التأويل، هو ما يعرفه حراك طلبات الكليات العمومية للطب والصيدلة بالمغرب، منذ حوالي السنة، حيث قررت الوزارة، ومن جانب واحد تخفيض سنوات الدراسة من سبع سنوات إلى ست سنوات، وتستعمل كل الوسائل من أجل إرغام الطلبة والطالبات على الامتثال لهذا القرار!

ومن باب المبادئ الأساسية للتعاقد، فقد اختار الطلبة ولوج كليات الطب، على أساس المعلن من الوزارة، بأن التكوين يستغرق 7 سنوات، ولذلك فضل الطلبة التكوين في العلوم الطبية والصيدلية ولم يختاروا العلوم الهندسية والتجارية والمعمارية وغيرها، التي تستغرق فيها الدراسة خمس سنوات فقط، وحينما قررت الوزارة تغيير عدد سنوات الدراسة، من بعد تسجيل الطلبة في موسم 23/24، فتكون الوزارة قد خالفت مبدأ التعاقد وغيرت بنود العقد، دون موافقة الطرف الثاني، الذي يمثله الطالب، ولذلك يعتبر القرار الأحادي للوزارة، باطل بقوة القانون.

ومن باب محاولة تطبيق القانون بأثر رجعي، وذلك بإخضاع الطلبة المسجلين قبل الإعلان عن القرار، فهو ضرب من ضروب العبث، وذبح فظيع للدستور، الذي لا يجيز تطبيق القوانين إلا من بعد الإعلان عن صدورها، وقانون اليوم لا يمكن تطبيقه على الأمس وإنما يطبق على القادم من الأيام. وحيث أن الوزارة عمدت لتطبيق قرار التخفيض من سنوات الدراسة، حتى على المسجلين قبل إعمال القرار، فقد سقطت في الخرق الواضح للقانون والدستور، ولا يمكن تفسير هذا الإجراء، سوى بـالشطط في استعمال السلطة أو بالقفز على القانون الأعلى للبلاد الذي يجسده الدستور.

وإن كان المقصود، حسب ما فهمه الجميع من هذا التخفيض لسنوات الدراسات الطبية، هو ضرب المكانة الاعتبارية للطبيب في المجتمع والتنقيص من قيمة الدبلوم المحصل عليه، حتى يقبل أطباء وطبيبات الغد، للعمل في المصحات الخاصة والتوظيف عبر الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل، مقابل الأجور الزهيدة وظروف الاستعباد في العمل، فإن مصلحة المغرب والمغاربة، تتطلب:

  1. مراجعة قرار التخفيض من سنوات الدراسات الطبية والصيدلية، مع ضمان جودة التكوين ودون ضرب المكانة الاعتبارية للطبيب.
  2. فتح باب المفاوضات الجدية والمباشرة مع ممثلي الطلبة واحترام حقهم في الاحتجاج وسحب العقوبات الصادرة في حقهم.
  3. اللجوء لوساطات ذات مصداقية، لتقريب وجهات النظر بين الأطراف والكف عن التصريحات المستفزة من طرف الحكومة.

وفي انتظار التوصل لحل لهذه الأزمة التي عمرت طويلاً، حتى يرجع الطلاب للمدرجات ويسد المغرب الخصاص الكبير في الأطباء لضمان نجاح ورش تعميم التغطية الصحية، فإن الأمر يتطلب قراراً حاسماً ومنصفاً للطلبة والطالبات المنحدرين من أبناء الشعب.

الحسين اليماني

إقرأ كذلك…

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة