بينما تغرق الإدارة المغربية في متاهات البيروقراطية وتعقيدات الترخيص لإنشاء أي مرفق سياحي جديد، تبرز تونس كمثال حي على الإرادة السياسية والمرونة الإدارية في استقطاب السياح، حتى في أصعب الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها.
مؤخرًا، استقبلت تونس مجموعة من كبار المسافرين ضمن رحلة “إفريقيا: عبر قارة بطائرة خاصة”، التي تنظمها الشركة السياحية الفاخرة Abercrombie & Kent. وعلى مدى أربعة أيام، تنقلت هذه النخبة من السياح بين قرطاج، ودُقَّة، والمدينة العتيقة بتونس، وسط تجربة سياحية مصممة بعناية تجمع بين التاريخ والثقافة والخدمات الفاخرة. المثير في الأمر أن هذا الإنجاز جاء رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها تونس، مما يعكس ديناميكية الإدارة السياحية هناك، وسرعة استجابتها لاستقطاب الاستثمارات السياحية الفاخرة دون عراقيل بيروقراطية معطلة.
في المقابل، يواجه المغرب، رغم كونه من أكثر الوجهات السياحية تنوعًا وجاذبية في المنطقة، عراقيل بيروقراطية قاتلة لكل طموح استثماري. يتطلب فتح فندق جديد أو إطلاق مشروع سياحي سنوات من التراخيص والمفاوضات مع الإدارات المتداخلة، ومواجهة لوبيات المصالح المتشابكة. والأدهى أن هذه البيروقراطية لا تضر فقط المستثمرين، بل تمتد إلى التأثير على تجربة السياح أنفسهم، حيث يعاني القطاع من تأخر في تطوير البنية التحتية، وضعف الخدمات الفاخرة التي يبحث عنها السائح الراقي.
في الوقت الذي تدرك فيه دول مثل تونس أهمية السرعة والمرونة في استقطاب السياحة الراقية، لا تزال الإدارة المغربية غارقة في التعقيدات الإدارية، والتأخر في تنفيذ المشاريع، والمماطلة في اتخاذ القرارات. والسؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى سيبقى المغرب متأخراً في هذا السباق، بينما تجني دول الجوار ثمار الفاعلية والجرأة في الإصلاح؟