تصريحات وزير الداخلية الفرنسي: إهانة جديدة للنظام الجزائري وسقوط جديد في مشهد العلاقات الثنائية

في تطور جديد يضيف فصلاً آخر من التوتر في العلاقات بين الجزائر وفرنسا، أثار وزير الداخلية الفرنسي، في تصريح له على موجات إذاعة RTL. تضمن كلمات مؤلمة ومذلة للنظام الجزائري، هذه التصريحات جائت بلسان وزير من العيار الثقيل في الحكومة الفرنسية، ويؤدي مهامه بكل جرأة.

 

ما جعل التصريح أكثر إهانة هو أن الوزير الفرنسي لم يقتصر على مهاجمة “الدولة الجزائرية”، بل أكد بشكل متكرر على “النظام الجزائري” فقط، في إشارة إلى استهدافه لمنظومة الحكم وليس للشعب بأسره. هذا التفريق بين الدولة والنظام يوثق نظرة قاصرة ومؤلمة، تجعل من الطبقة الحاكمة في الجزائر هدفًا مباشرًا لعقوبات قد تشمل الجنرالات وأسرهم الذين يعيشون في فرنسا، و يدرسون بها، ويتلقون العلاج في مستشفياتها، ويقضون عطلهم في معالمها السياحية. اما الأشد قسوة في التصريح هو تذكير الوزير الفرنسي للجزائريين بماضيهم الاستعماري، الذي طالت آثاره حتى يومنا هذا.

 

إن استخدام وزير الداخلية الفرنسي لهذا الخطاب لم يكن مجرد تصريح سياسي، بل كان بمثابة جرح عميق يطعن في “النيف” الجزائري الذي لطالما ادعى حكام البلاد التمسك به، متناسين بذلك علاقاتهم الاقتصادية مع فرنسا، التي تعد ثاني أكبر شريك تجاري للجزائر، والتودد لها في العديد من المجالات، في وقت تهاجم فيه الجزائر المغرب وتدعم الانفصاليين في الصحراء.

 

كما أن مواقف الحكام الجزائريين ازدادت تناقضًا مع تصريحات الوزير الفرنسي، فبينما يدعون إلى الدفاع عن الاستقلال الوطني، يظهرون في الوقت نفسه ولاءً اقتصاديًا وثقافيًا لفرنسا. هذا التناقض يؤكد حالة من الانقسام الداخلي في الجزائر، ويضعف مصداقية الخطاب الرسمي حول السيادة الوطنية.

 

وعلى الرغم من محاولات الجزائر تحشيد الرأي العام ضد فرنسا، فإن الشعب الجزائري يعيش بين مطرقة الازدواجية السياسية وسندان الفقر، بينما تبقى الطبقة الحاكمة في برج عاجي بعيدًا عن واقع الشعب.

 

وفي الوقت الذي تواصل فيه الجزائر سياسة الهجوم على المغرب، تذكر تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بالحرب المأساوية التي شنتها الجزائر على المغرب في الأشهر الأولى من استقلالها، والتي استهدفت الأراضي المغربية عبر حرب الرمال وهجمات غادرة على أمغالا، والتي خلفت أزمات سياسية لا تزال آثارها ماثلة في العلاقات بين البلدين.

 

إن هذا الخطاب الفرنسي يمثل صفعة جديدة للنظام الجزائري الذي يبدو أنه عجز عن الحفاظ على توازنه في مواجهة تحديات الداخل والخارج، ليبقى أمامه خيار واحد، وهو مواجهة هذه الإهانة بحكمة تفرضها مصلحة الوطن قبل مصالح الأفراد.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة