تحديات القرن الحادي والعشرين في مؤتمر المستقبل 2024 بالمغرب

يستضيف البرلمان المغربي بغرفتيه، النواب والمستشارين، يومي 17 و18 دجنبر 2024، الدورة القادمة لمؤتمر المستقبل، الذي ينظم بشراكة مع مؤسسة “لقاءات المستقبل” والكونغرس الشيلي. ويعد هذا المؤتمر، الذي انطلق عام 2011، منصة فكرية دولية تهدف إلى مناقشة القضايا الراهنة والمستقبلية ذات الأهمية الكبرى للبشرية، كما يُصنف كأهم حدث علمي وثقافي في منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي.

تأتي استضافة المغرب لهذا المؤتمر كجزء من شراكة واسعة تضم الحكومة الشيلية وأكاديمية العلوم وأكثر من عشرين جامعة ومؤسسة فكرية ومنظمة غير حكومية. ويسعى هذا الحدث إلى تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب، مع التركيز على ترويج هذه المبادرة داخل القارة الإفريقية، مما يعزز مكانة المغرب كمركز إقليمي ودولي للتفكير العلمي.

 

في سياق اهتمامه بالقضايا العالمية، يركز مؤتمر المستقبل على معالجة الموضوعات الأكثر إلحاحاً والتي تشمل التغيرات المناخية والتحولات الرقمية وعلوم الفضاء ومستقبل السيادة التكنولوجية. ومن المتوقع أن تناقش النسخة المغربية مجموعة من المحاور الرئيسية مثل التحولات في العلاقات الإنسانية والاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، وتأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد والمجتمع، فضلاً عن القضايا المرتبطة بالأمن والسلام الدولي. كما سيتناول المؤتمر تحديات المساواة بين الجنسين والقضايا الصحية العالمية والأمن الغذائي وسبل الانتقال إلى الطاقات المتجددة لتحقيق الاستدامة.

 

المغرب كجسر بين القارات

إن اختيار المغرب لاستضافة هذا الحدث العالمي يعكس دوره المحوري كجسر يربط بين القارات، حيث يتمتع بعلاقات متميزة مع العديد من التكتلات السياسية والاقتصادية في أمريكا اللاتينية، مثل تحالف المحيط الهادئ ومنظمة الدول الأمريكية. كما يحظى البرلمان المغربي بصفة مراقب دائم في عدد من الاتحادات البرلمانية الإقليمية بأمريكا اللاتينية والكاريبي، مما يعزز موقعه كشريك استراتيجي في تعزيز التعاون العلمي والبحثي بين القارات.

 

خلال افتتاح المؤتمر، ألقى السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب المغربي، كلمة تناولت التحديات الكبرى التي تواجه البشرية وأهمية تحمل المسؤولية المشتركة من أجل بناء مستقبل أفضل. وأوضح أن المؤتمر لا يحمل أي أجندات سياسية بل يركز على تحسين جودة حياة الإنسان وتعزيز قيم السلم والأمن والعدالة المناخية.

 

في كلمته، استعرض العلمي القضايا الملحة التي تؤثر على العالم، بما في ذلك النزاعات المسلحة والتغيرات المناخية وأزمات الغذاء والماء. وشدد على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي واحترام سيادة الدول، مشيراً إلى أن إفريقيا وأمريكا اللاتينية تتحملان أعباء كبيرة نتيجة التغيرات المناخية رغم مساهمتهما المحدودة في الانبعاثات الضارة. ودعا في هذا السياق إلى تحقيق عدالة مناخية شاملة وتيسير وصول دول الجنوب إلى التكنولوجيا الخضراء.

وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، أكد العلمي أن بلدان الجنوب تمتلك إمكانات زراعية هائلة، حيث تُعد إفريقيا وأمريكا اللاتينية من بين المناطق الأكثر غنى بالأراضي الصالحة للزراعة على مستوى العالم. ودعا إلى استغلال هذه الإمكانات من خلال تعزيز الاستثمار في الطاقات المتجددة والتكنولوجيا الحديثة بما يضمن تكافؤ الفرص بين الدول النامية والمتقدمة.

 

وتطرق العلمي أيضاً إلى التحديات المرتبطة بالتطور التكنولوجي السريع، مشدداً على أهمية وضع حكامة دولية تضمن الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا الحديثة، خاصة الذكاء الاصطناعي، بما يحمي حقوق الإنسان ويعالج الآثار السلبية الناجمة عن الفجوة الرقمية.

 

واختتم رئيس مجلس النواب كلمته بالتأكيد على أهمية التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق السلم والاستقرار العالميين. كما دعا إلى التركيز على التربية والتعليم وإعادة الاعتبار للمعرفة كوسيلة لتحصين الأجيال القادمة من المخاطر المستقبلية. وأشار إلى أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، يظل مستعداً لتقديم خبراته ومبادراته في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، خاصة في مجالات الاقتصاد الأخضر وتعزيز السلم العالمي.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة