يبدو أن مجلة “الجيش” الجزائرية، التي تحولت إلى نشرة دعائية للكابرانات، حيث قررت هذه المرة أن ترفع سقف الهذيان إلى مستويات غير مسبوقة، مُعلنة أن الرئيس تبون هو “الناطق الرسمي باسم إفريقيا” في مكافحة الإرهاب، وكأن القارة بأكملها عقدت مؤتمراً واختارته لهذا الدور “الريادي”!
ليس هذا فحسب، بل إن المجلة ذاتها، التي تكتب بإملاءات ثكنات بن عكنون، مضت إلى أبعد من ذلك، مدعيةً أن الجزائر هي “الفاعل الرئيسي في تحقيق التكامل والاستقرار بإفريقيا”، وهو تصريح كفيل بإدخال أي شخص يتمتع بذرة من العقل في نوبة ضحك هستيري. فكيف لبلد يعاني من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن يكون نموذجاً يُحتذى به في الاستقرار؟ كيف لنظام يُحكم بعقلية “عسكرة السياسة” أن يتحدث عن التكامل الإفريقي، بينما فشله الداخلي أصبح مادة للسخرية داخل القارة وخارجها؟
ومن “أمجاد” الجزائر المزعومة، انتقلت مجلة “الجيش” إلى فقرة البكائيات المعتادة، حيث تذكّرت فجأة أن فرنسا الاستعمارية قائلة انها ارتكبت جرائم في الصحراء الجزائرية، أو كأن مآسي الجزائر الحالية ليست من صنع الكابرانات أنفسهم، بل نتيجة مؤامرة كونية تقودها فرنسا و”أعداء الأمة”!
الأكثر طرافة هو حديث المجلة عن “تمكين إفريقيا من التخلص من تركة الاستعمار”، وهو ما يطرح تساؤلات وجودية: هل الجزائر نفسها تخلصت من تركة الاستعمار؟ أم أن نظامها العسكري لا يزال يستعمل اكثر من المستعمر، حيث يُكمّم الأفواه، ويُطارد المعارضين، ويغلق الصحف، ويملأ السجون بكل من تسوّل له نفسه انتقاد الحكم العسكري؟
ولأن المزايدات لا تكتمل دون شعارات فضفاضة، ختمت مجلة “الجيش” عددها بعبارات من نوع: “إفريقيا تمتلك كل المقومات للنماء والازدهار”، وكأن الجزائر نفسها تعيش في نعيم اقتصادي واجتماعي، وكأن الشباب الجزائري لا يخاطر بحياته يومياً في قوارب الموت هرباً من “جنة الكابرانات”!
يبقى السؤال مطروحاً: هل يصدّق الكابرانات أنفسهم هذه المسرحية الهزلية؟ أم أنهم فقط يحاولون صرف الأنظار عن فشلهم الذريع عبر جرعات مكثفة من الأوهام والأكاذيب؟