تأثير فيروس نقص المناعة على الجهاز الهضمي

 

 قالت الدكتورة نجاة خليل   اختصاصية في أمراض الجهاز الهضمي والكبد – المستشفى الإقليمي محمد الخامس بصفرو

 

فيروس نقص المناعة المكتسب (HIV) هو مرض يؤثر بشكل رئيسي على جهاز المناعة في الجسم، مما يجعله ضعيفًا وغير قادر على مقاومة العديد من العدوى والأمراض. يتسبب الفيروس في تدمير خلايا الدم البيضاء، المعروفة بالخلايا التائية، وهي جزء أساسي من الدفاع المناعي للجسم. على الرغم من أن الفيروس يؤثر على جميع أنحاء الجسم، إلا أن الجهاز الهضمي يعد من أكثر الأجزاء التي تتأثر بشكل مباشر، لاحتوائه على نسبة كبيرة من الخلايا المناعية.

يتسبب فيروس HIV في اضطراب كبير في وظائف الجهاز الهضمي، حيث يستهدف الخلايا المناعية في الأمعاء ويضعف الحاجز المناعي للأمعاء، مما يعرضها للإصابة بالعدوى والالتهابات. هذه التأثيرات يمكن أن تظهر في جميع مراحل المرض، من العدوى الحادة إلى تطور السيدا.

المرحلة الأولى من الإصابة

في المرحلة الأولى من الإصابة بفيروس HIV، والتي تعرف بالعدوى الحادة، يبدأ الفيروس في مهاجمة الخلايا التائية في الأمعاء. هذا الهجوم يؤدي إلى تدمير الحاجز المناعي المعوي، ما يسمح بانتقال البكتيريا والطفيليات إلى الأمعاء. كما يتسبب في اضطراب التوازن الطبيعي للبكتيريا في الأمعاء، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الإسهال الحاد، الغثيان، آلام البطن، وضعف الامتصاص في الأمعاء، وارتفاع إنزيمات الكبد.

المرحلة المزمنة

في المرحلة الثانية من المرض، التي تسبق السيدا، يبدأ الجهاز المناعي بالفشل تدريجيًا. يستمر التهاب الأمعاء ويصبح مزمنًا، كما تزداد العدوى بالطفيليات والبكتيريا. تتطور الأعراض لتشمل الإسهال المزمن، ألم وانتفاخ البطن، الغثيان، القيء، التهابات البنكرياس، والقرح الهضمية. تؤثر الأدوية المضادة للفيروسات في هذه المرحلة على جهاز الهضم، مما يزيد من تعقيد الأعراض.

مرحلة السيدا

في المرحلة المتقدمة من المرض، المعروفة بمرض السيدا، تزداد الأعراض الهضمية سوءًا. يصبح الإسهال أكثر حدة بسبب الميكروبات والطفيليات مثل “كريبتو سبوريديوم”، والسالمونيلا، والشغيلا، بالإضافة إلى الفيروسات مثل “سيتوميجالوفيروس”. كما تظهر التهابات في الفم والمرئ نتيجة العدوى الفطرية مثل داء المبيضات، مما يتسبب في صعوبة البلع وآلام شديدة. وقد يعاني المرضى من تقرحات فموية بسبب الهربس البسيط أو السيتوميجالوفيروس، مع تضخم العقد اللمفاوية.

أحد الأعراض الأخرى الشائعة في هذه المرحلة هو اضطراب الامتصاص، مما يؤدي إلى سوء امتصاص العناصر الغذائية مثل الدهون والبروتينات، ما يسبب فقدان الوزن، فقر الدم، وهشاشة العظام. كما قد يتطور المرض إلى ظهور أورام هضمية مثل الساركوما كابوزي أو الليمفوما اللاهودجكنية، والتي تؤثر على الأمعاء والمعدة.

التشخيص والعلاج

يتم تشخيص التأثيرات الهضمية لفيروس HIV من خلال الفحص السريري، التنظير، وأخذ عينات للفحص، بالإضافة إلى الفحوص المخبرية واختبارات البراز. أما العلاج فيشمل استخدام الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، التي تعمل على تقليل الحمل الفيروسي وتحسين الحالة المناعية للمريض. كما يتم علاج الالتهابات البكتيرية أو الطفيلية باستخدام مضادات الميكروبات، ويتم تعويض السوائل المفقودة نتيجة الإسهال الحاد أو المزمن.

الوقاية والمتابعة الطبية

من أهم الإجراءات الوقائية ضد الإصابة بتأثيرات فيروس HIV على الجهاز الهضمي هي الحفاظ على النظافة الشخصية والتغذية السليمة، مثل غسل اليدين قبل تناول الطعام، وتناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة. كما ينبغي تجنب تناول الأطعمة النيئة لتقليل خطر الإصابة بالعدوى. تتطلب حالات الإصابة بفيروس HIV متابعة طبية منتظمة وإجراء فحوصات دورية للكشف عن أي مشكلات صحية محتملة.

 

فيروس نقص المناعة المكتسب يؤثر على الجهاز الهضمي بشكل كبير، مما يؤدي إلى مجموعة من الأعراض التي تؤثر بشكل سلبي على جودة الحياة. يمكن الحد من تأثير الفيروس على الأمعاء من خلال العلاج المبكر والالتزام بالأدوية الوقائية. في الوقت نفسه، تساعد الوقاية المناسبة والمراجعة الطبية المستمرة على تحسين الحالة الصحية للمرضى وضمان حياة أفضل للمصابين.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة