يُعد المختار السوسي واحدًا من أعظم الشخصيات العلمية والأدبية التي عرفها المغرب، ورمزًا من رموز تاريخ سوس الذي ترك بصمته في مجالات الأدب والتاريخ والبحث العلمي. اشتُهر المختار السوسي بتفوقه في ميدان اللغة العربية، واهتمامه العميق بتوثيق تاريخ سوس وثقافتها، وهو ما جعله من أبرز المفكرين في القرن العشرين.
لم يقتصر دور المختار السوسي على المجال الأكاديمي فقط، بل امتد إلى المجال السياسي أيضًا. فقد شغل منصب وزير الاوقاف العمومية في أول حكومة مغربية، وهو ما أتاح له فرصة التأثير في مجريات الأحداث السياسية والاقتصادية في البلاد. ومن خلال هذا الدور، أظهر المختار السوسي قدرة كبيرة على التوفيق بين عمله العلمي وإسهاماته في خدمة الوطن، فكان يعمل من موقعه الحكومي على تعزيز الثقافة والتعليم، والدعوة إلى النهوض بالمنطقة التي نشأ فيها.
أسهم المختار السوسي بشكل كبير في إثراء المكتبة العربية بعدد من المخطوطات النادرة التي اكتشفها في مختلف المكتبات المغربية، وكان له دور كبير في حفظ التراث العربي والإسلامي. ومن بين أبرز الاكتشافات التي قدمها “ديوان ملك غرناطة يوسف الثالث” و”مختصر رحلة العبدري” لمؤلف مجهول، بالإضافة إلى “طبقات المالكية” التي أضافت الكثير لفهم الفقه المالكي في شمال إفريقيا.
كان المختار السوسي أيضًا مؤلفًا غزير الإنتاج، فقد ترك لنا مؤلفات بالغة الأهمية ساهمت في إثراء الفكر العربي والإسلامي. من أبرز هذه المؤلفات نجد “المعسول” الذي يُعد موسوعة تاريخية وثقافية تُعتبر مرجعًا مهمًا في تاريخ سوس، وكذلك “سوس العالمة” الذي يوثق تاريخ منطقة سوس الثقافي والعلمي. ومن بين أعماله الأخرى أيضًا “من أفواه الرجال” و”رجال العلوم العربية في سوس”، اللذان يقدمان دراسة شاملة لشخصيات سوسية بارزة ساهمت في النهضة العلمية والدينية بالمنطقة.
كما تميز المختار السوسي بكتاباته الفكرية العميقة، مثل “أصفى الموارد” و”بين الجمود والميع”، التي تتناول قضايا فكرية إسلامية هامة، إضافة إلى عمله “تقييدات على تفسير الكشاف للزمخشري” الذي يعكس إلمامه الواسع بتفسير القرآن الكريم واللغة العربية.
إن إرث المختار السوسي العلمي والأدبي، يشكل مصدر إلهام لكل من يسعى لفهم تاريخ سوس والثقافة المغربية. فبلا شك أن أعماله ستظل جزءًا لا يتجزأ من التراث العربي والإسلامي، وسيتذكره الجميع كأحد أعلام الفكر والسياسة الذين أغنوا المعرفة الإنسانية.