أعلنت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP) عن إطلاق سلسلة من جلسات الاستماع مع مختلف الفاعلين المعنيين بمسألة استخدام كاميرات المراقبة وتأثيرها على حماية المعطيات الشخصية، وذلك في إطار تطبيق مقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. وتهدف هذه المبادرة إلى تحقيق توازن بين الضرورات الأمنية وضمان احترام الحياة الخاصة للأفراد، عبر وضع ضمانات قانونية وتنظيمية تحدد الاستخدام السليم لهذه الوسائل.
وقد أشارت اللجنة في بلاغها الرسمي إلى أن كاميرات المراقبة باتت تلعب دورًا أساسيًا في عدة مجالات، من بينها تعزيز الأمن العام والحماية الوقائية، حيث تُستخدم لمكافحة الجريمة وضمان السلامة في الأماكن العامة، إلى جانب دورها في الدراسات والبحث العلمي من خلال توفير بيانات يمكن الاستفادة منها في التحليل السلوكي وتحسين الخدمات العامة، فضلًا عن دورها في التوثيق والرصد في الفضاءات العامة والخاصة، مما يسهم في تحسين جودة الخدمات وتعزيز الشفافية. كما أوضحت اللجنة أن التعامل مع هذه الإشكالية يختلف من بلد لآخر وفقًا للخصوصيات القانونية والثقافية والتقنية، مما يستدعي نهجًا متوازنًا يأخذ في الاعتبار حماية الفضاء العمومي والحقوق الفردية في آنٍ واحد.
كما سلطت اللجنة الضوء على التحديات المرتبطة باستخدام تقنيات التعرف على ملامح الوجه في الفضاءات العامة، مؤكدة ضرورة تقييم استخدامها بشكل مستمر لضمان عدم المساس بالحقوق الأساسية، ومراعاة مبادئ عدم التمييز وحماية الحريات الفردية. وأوضحت أن تحقيق توازن عادل بين المصلحة العامة وضمان سرية المعطيات الشخصية يستدعي تحليلًا موضوعيًا يستند إلى القيم الدستورية والقانونية المعمول بها، بما يضمن وضع إطار تنظيمي يحمي الحقوق دون الإضرار بالجهود الأمنية.
كما أكدت اللجنة أن هذه الجلسات التشاورية ستشكل أرضية لصياغة سياسات تنظيمية واضحة تضمن الاستخدام السليم لكاميرات المراقبة وتقنيات التعرف على الوجه، مع احترام المبادئ الدستورية والحقوق الأساسية للمواطنين. وتأتي هذه الخطوة في سياق متزايد من الاهتمام العالمي بقضايا حماية المعطيات الشخصية، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي تفرض تحديات جديدة على مبدأ الخصوصية وضمان الأمن العام.