يواصل المغرب ترسيخ مكانته كقوة اقتصادية ولوجستية في القارة الإفريقية، معتمدًا على رؤية واضحة وعمل دبلوماسي واقتصادي جاد، وهو ما تجلى في مشروع تحويل معبر الكركرات الحدودي إلى نقطة عبور دولية استراتيجية، في تعاون وثيق مع موريتانيا. في المقابل، لا تزال بعض الأنظمة في المنطقة غارقة في حسابات عقيمة وخطابات أيديولوجية متآكلة، تساهم فقط في تعميق العزلة السياسية والاقتصادية.
وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، كشف خلال اجتماع للجنة الخارجية بالبرلمان أن المغرب وقع حتى الآن 10 اتفاقيات ثنائية مع دول صديقة لتعزيز مكانة المعبر وتحويله إلى محور طرق رئيسي يربط إفريقيا بالعالم. هذا المشروع العملاق يعزز رغبة المغرب في لعب دور رئيسي في التجارة الإفريقية، بدلًا من الانشغال بصراعات وهمية لا طائل منها.
معبر الكركرات أصبح شريانًا اقتصاديًا حيويًا تعتمد عليه أسواق غرب إفريقيا ودول الساحل، إذ تعبره يوميًا مئات الشاحنات المحملة بالبضائع، ما يضمن استقرار الأسواق المحلية ما يوثق التكامل الاقتصادي بين المغرب وشركائه. في الوقت الذي يعمل فيه المغرب على بناء شراكات حقيقية تعود بالنفع على الجميع، تواصل الجزائر وتونس اجترار خطابات عقيمة عن اتحاد مغاربي لم ير النور يومًا على أرض الواقع، وذلك بسبب تعنت سياسي ورؤية محدودة لا تتجاوز حسابات الأنظمة الحاكمة.
العقلانية التي يتعامل بها المغرب وموريتانيا مع التحديات الاقتصادية والسياسية في المنطقة تثبت أن التكامل الإقليمي ليس مجرد شعارات، بل يتطلب قرارات جريئة وتعاونًا عمليًا. لو كان لدى الأنظمة المجاورة الحد الأدنى من الواقعية، لكان اتحاد المغرب العربي اليوم قوة اقتصادية تنافس الاتحاد الأوروبي، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل نظام جزائري جعل من افتعال الأزمات مبدأً سياسياً، وآخر تونسي يضيع في فوضى داخلية؟