المرأة المغربية مسيرة نضال وتقدم في مختلف المجالات 

يحلّ اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس، ليكون مناسبة للاحتفاء بإنجازات النساء في شتى المجالات، وتسليط الضوء على التحديات التي لا تزال تواجههن. في المغرب، قطعت المرأة المغربية  أشواطًا هامة نحو تحقيق المساواة والمشاركة الفعالة في التنمية، سواء في المناصب الحكومية أو في الميدان الاقتصادي، لا سيما في التعاونيات الفلاحية التي أصبحت نموذجًا لريادة الأعمال النسائية.

 

فقد شهدت السنوات الأخيرة تطورًا لافتًا في تمثيلية المرأة داخل المؤسسات الحكومية والإدارات العمومية، حيث أصبحت تشغل مناصب وزارية وقيادية في مختلف القطاعات. فبعد عقود من النضال الحقوقي، ساهمت الإصلاحات القانونية، مثل مدونة الأسرة والمقتضيات الدستورية التي عززت مبدأ المساواة، في تمكين المرأة المغربية من اعتلاء مناصب قيادية في ميادين السياسة والاقتصاد والقضاء وغيرها.

 

حتى في القرى والمناطق الريفية، أثبتت المرأة المغربية قدرتها على خلق مشاريع ناجحة عبر التعاونيات الفلاحية، التي أصبحت تلعب دورًا أساسيًا في دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد التعاونيات النسائية في المغرب شهد ارتفاعًا ملحوظًا، حيث انتقل من 79 تعاونية فقط في عام 2006 إلى أكثر من 2000 تعاونية نسائية اليوم.

 

هذه التعاونيات لا توفر فقط فرص عمل للنساء، بل تساهم أيضًا في تحسين ظروفهن المعيشية وتعزيز استقلاليتهن الاقتصادية. ومن أبرز هذه النجاحات، التعاونية الفلاحية النسوية “إكبار” بإقليم تارودانت، التي حصدت جوائز وطنية ودولية بفضل إنتاجها لزيت الأركان ومشتقاته، ما يؤكد قدرة النساء القرويات على الإبداع وريادة الأعمال.

 

ورغم هذه الإنجازات، لا تزال المرأة المغربية تواجه تحديات متعددة، أبرزها الفجوة في الأجور، وضعف تمثيليتها في بعض القطاعات، إلى جانب الصعوبات التي تواجه النساء في المناطق النائية. لذا، يتطلب الأمر مزيدًا من الجهود لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة ودعم المشاريع النسائية، من خلال تحسين الولوج إلى التمويل، والتكوين المهني، وتطوير السياسات الداعمة للمساواة.

 

إن تمكين المرأة لا يقتصر فقط على منحها الفرص في سوق العمل، بل يتعداه إلى الاعتراف بدورها المحوري داخل الأسرة والمجتمع، فهي الأم التي تربي الأجيال، والابنة التي تحمل طموحات المستقبل، والزوجة التي تشارك في بناء الأسرة ودعم الاستقرار. لذا، فإن تحقيق العدالة والمساواة الحقيقية يتطلب سياسات تدعم المرأة في جميع أدوارها، وتضمن لها التوازن بين حياتها المهنية والشخصية.

 

يعدّ اليوم العالمي للمرأة فرصة للاحتفاء بمسيرة المرأة المغربية، التي أبانت عن كفاءتها وجدارتها في مختلف المجالات. وبينما تتجه المملكة بفضل توجيهات جلالة الملك، نحو تعزيز تمكين النساء، فإن تعزيز المكتسبات وتحقيق المساواة الفعلية يظلّان رهينين بمدى تفعيل السياسات والإصلاحات التي تضمن للمرأة المغربية دورًا فاعلًا في بناء المستقبل.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة