يعتبر الموريتانيون أن الحفاظ على مكونات مائدة شهر رمضان الفضيل واجب لتوريث موروث ثقافي للأجيال المقبلة، هذا بالرغم من اقتناعهم بالتغييرات الكبيرة التي دخلت على المائدة لتتراوح بين الأصيل، كخصوصية موريتانية محضة، وبين المتغير مع دخول أنواع وأصناف من الأطباق نتيجة التلاقح مع ثقافات عديدة منها المغاربية، لاسيما المغربية، والإفريقية والمشرقية. ومع هذا التكيف مع المحيط، وانتشار ثقافات غذائية مختلفة، التي اعتبرها بعض المهتمين والمتابعين، بالطبيعية، فإن هذا لا يحجب التحول الذي عرفته الأطباق الغذائية التقليدية التي تزين المائدة في رمضان بموريتانيا.
وهكذا نجد في المائدة الرمضانية الموريتانية، بالإضافة إلى الأطباق المحلية، أطباقا أخرى منها المغربية والمشرقية والإفريقية، بل وحتى الغربية التي تستهوي الشباب بالخصوص. وفي هذا السياق قال الشيخ أحمد أمين، مدير الموقع الإخباري (أنباء إنفو)، إن المائدة الرمضانية الموريتانية، لا سيما مائدة الإفطار، “تأثرت بشكل كبير بالمائدة المغربية وتشبهها في كثير من نواحيها”، وذلك راجع، يوضح في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “للتقارب والتواصل المباشر بين الشعبين، حيث يقضي الكثير من الموريتانيين شهر رمضان بالمغرب” ويتشبعون بالعادات الغذائية الرمضانية المغربية.
وأشار إلى أن الشعب الموريتاني “يكابد من أجل الإبقاء على عناصر المائدة الرمضانية الأصيلة، بالرغم مما تواجهه من موجات التطور الكثيرة التي تركت بصماتها على كل شيء في الحياة العامة والخاصة”. ويبقى “أتاي” أو الشاي والإفطار الجماعي، العنصران الأصيلان اللذان بقيا صامدين ولم تدخل عليهما أي تغييرات.
وفي سياق مماثل أصر السيد أحمد أمين على التذكير بظاهرة أخرى جديدة دخلت على تقاليد هذا الشهر الكريم تتعلق بالسهر على أن تكون مائدة الإفطار متنوعة وغنية قدر الإمكان تصل إلى حد الإسراف، عكس ما كان عليه الأمر في السابق، حيث كان شهر الصيام مناسبة للأسر للادخار، ويستبشر به الأزواج للاقتصاد في مصاريف الأسرة وترشيد النفقات وتدبير المدخرات .
وبالفعل فأي جولة بسيطة داخل الأسواق بنواكشوط، على سبيل المثال، قبيل موعد آذان المغرب بقليل سيلاحظ هذا التغير، بتواجد كل أنواع الأطباق من المغربية (الحريرة، الكسكس، البريوات، بغرير، الحلويات…) والمشرقية والغربية (الفطائر …) ، والإفريقية، لا سيما وجبات السمك والنباتات التي تحضر منها المشروبات.
ويسجل كذلك خلال هذا الشهر التجديد في الأطباق الموريتانية بفعل اجتهاد ربات البيوت، حيث يبصمن ببصمات، لا تخفى على العين، أطباقا تجمع بين الأصالة والمعاصرة، مع المنافسة في إعداد وتزيين الموائد سواء للإفطار أو وجبات العشاء والسحور. ويجب التذكير أن مائدة الإفطار الموريتانية أضحت تتزين بعدد كبير من أنواع المشروبات البادرة و المستحضرة من نباتات إفريقية منها “بيصام” (الكركديه) و”تاجماخت”، التي تحضر منها مشروبات منعشة ومقاومة للعطش، لاسيما وأن أسعارها في متناول جميع الطبقات.
ويفضل عدد من الموريتانيين هذه المشروبات على اعتبار أن هذه النباتات الإفريقية غنية بالسكريات والفيتامينات وتحضر دون إضافة مواد صناعية. ويبقى للمائدة الموريتانية نكهتها التي لا يمكن إنكارها مع كؤوس “أتاي” والزريك” و”الشواء” والإفطار الجماعي الذي يحرص عليه الموريتانيون حرصا شديدا.