الوجع المستتر: معركة المرأة مع دوائر العنف المغلقة

العنف ضد النساء في المغرب

 

اختارت حقوقيات وناشطات مغربيات، في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء منصة لإطلاق صرخة مدوية صوب المُشرع المغربي، مسلطات الضوء على معاناة المغربيات ضحايا العنف. فهن يواجهن سلسلة من العراقيل المرهقة لإثبات الجرائم المرتكبة بحقهن، ما يفتح الباب واسعًا أمام الجناة للإفلات من العقاب.

 

وتعتبر تنظيمات حقوقية نسائية، مثل رابطة فيدرالية حقوق النساء بالمغرب، أن إثبات العنف القائم على النوع ليس مهمة الضحايا، بل واجب الدولة ومؤسساتها العدلية، وفق ما جاء في مذكرة قدمتها الرابطة الجمعة الماضي. وطالبت المذكرة بإجراء مراجعة جذرية للقانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، مؤكدة أن تحميل النساء عبء الإثبات يُضاعف مآسيهن ويمنح الجناة فرصة للإفلات من قبضة العدالة.

 

“العنف ضد النساء انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ويتطلب استجابة شاملة”، تقول نجية تزروت لصحيفة مغربنا 24 

 

أكدت نجية تزروت، رئيسة شبكة “أنجاد ضد عنف النوع” ضمن فيدرالية رابطة حقوق النساء بالمغرب، بمناسبة الأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء، على أن العنف الممارس ضد النساء في المغرب يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان. وأعربت عن قلقها العميق إزاء استمرار الظاهرة رغم الجهود المبذولة، مشيرة إلى أن 4535 امرأة لجأن إلى مراكز الاستقبال التابعة للشبكة خلال عام 2024، مع تسجيل 27,052 حالة عنف متنوعة.

 

وأوضحت تزروت أن العنف النفسي تصدر أشكال العنف المسجلة بنسبة 47%، يليه العنف الاجتماعي والاقتصادي بنسبة 25%، فيما سجل العنف المعلوماتي والقانوني والجنسي نسبًا متباينة. وأضافت: “هذه الأرقام لا تعكس سوى قمة الجبل الجليدي، إذ إن العديد من النساء لا يبلغن عن العنف بسبب ظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية تعيق ذلك”.

 

وأشارت إلى أن القوانين الحالية، بما فيها القانون 103-13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، لا تزال تواجه ثغرات كبيرة، خصوصًا فيما يتعلق بإثبات العنف داخل الفضاء الخاص. وقالت: “كيف يمكن للضحايا إثبات عنف نفسي أو جسدي، أو حتى الاغتصاب الزوجي الذي يحدث خلف الأبواب المغلقة؟”

 

دعوة إلى إصلاحات قانونية شاملة

تزروت شددت على ضرورة تبني قانون إطار شامل يضمن حماية النساء من كافة أشكال العنف، وليس مجرد تعديل مقتضيات القانون الجنائي. ودعت إلى ملاءمة القوانين الوطنية مع المعايير الدولية، وتوفير حماية قانونية شاملة تتضمن الحماية، الوقاية، التكفل بالضحايا، وجبر الضرر.

 

كما أكدت على أن التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات يعد خطوة محورية لإخراجهن من دائرة العنف المركبة والمتعددة، مشيرة إلى أن النساء في وضعية هشاشة وفقر هن الأكثر عرضة للعنف.

 

رسالة إلى المجتمع المغربي

وفي ختام تصريحها لصحيفة مغربنا 24 ، وجهت تزروت رسالة قوية للمجتمع المغربي، قالت فيها:
“العنف ضد النساء هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وعلينا كمجتمع أن نرفض التطبيع مع هذه الظاهرة بكل أشكالها. لنصنع معًا عالمًا آمنًا تعيش فيه النساء بكرامة وأمان، ولنستغل هذه المناسبة لتجديد التزامنا بالعمل نحو تحقيق العدالة والمساواة للجميع.”

ودعت تزروت الجميع إلى أن يكونوا جزءًا من التغيير الذي سيضع حدًا للعنف، مؤكدة: “كلنا معنيون، وكلنا قادرون على إحداث فرق.”

 

إقرأ أيضا

 

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة