العدالة والتنمية ينتقد الحكومة… ونسي أنه علّمها المحسوبية!

خرج حزب العدالة والتنمية ببيان شديد اللهجة يهاجم فيه ما وصفه بانتشار “الزبونية والمحسوبية” في تعيينات الحكومة الحالية للمسؤولين في المناصب العليا. الحزب الذي أمضى سنوات في رأس السلطة يتهم اليوم الحكومة بتوجيه برامج اجتماعية حساسة، مثل الدعم الفلاحي والسكن، لخدمة مصالح انتخابية وحزبية، في خطوة تثير السخرية أكثر مما تثير الاستغراب.

 

لكن مهلاً، هل نسي قادة حزب العدالة والتنمية، وعلى رأسهم عبد الإله بنكيران، عندما كانوا في الحكومة، كيف أداروا ملف التعيينات بنفس الأسلوب الذي ينتقدونه الآن؟ ألم تكن مناصب الدولة في تلك الفترة تُوزع على أساس الولاء الحزبي بدلاً من الكفاءة؟ ألم يكن شعار “الكفاءة أولاً” مجرد غلاف شفاف لنهج يعيد تدوير نفس المنطق الذي يتحدثون عنه اليوم؟

 

الحكومة الحالية، من جهتها، تبدو وكأنها “ترد الجميل” للعدالة والتنمية ولكن بأسلوبها الخاص. فهي تستغل الفرصة لتحقق مصالحها الانتخابية، تمامًا كما فعل من سبقها. المشهد لم يتغير سوى في الأسماء والوجوه، بينما استمرت نفس اللعبة السياسية التي تدور حول المحاصصة والمصالح الضيقة، وليس خدمة المواطن.

 

وما يزيد الطين بلة هو شكوى حزب العدالة والتنمية مما وصفه بـ”التعسف” الذي يطال أعضاؤه في الحصول على الوظائف، متناسين أن الانتماء الحزبي كان جواز السفر الذهبي للحصول على المناصب خلال ولاياتهم. اليوم، يبدو أن الحزب يعيش حالة من فقدان البوصلة، فلا هو قادر على مراجعة أخطائه السابقة، ولا هو قادر على تقديم خطاب معقول يُقنع الشارع المغربي بصدقيته.

 

لقد شاهدنا تبادل الأدوار بين الأحزاب، وندرك أن المشهد ليس سوى إعادة تدوير لمنطق الزبونية. حكومة تُعين بطريقتها، وحزب يعارض بصوت عالٍ، ليعود لاحقًا لتكرار نفس السيناريو. وما بين هذا وذاك، تبقى مهزلة سياسية لا يبدو أن لها نهاية في الأفق.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة