في إطار تحسين البنية التحتية للعاصمة، أعلنت جماعة الرباط عن إطلاق تحقيق عمومي بشأن مشروع طموح لإعادة تأهيل شبكة الطرق، يشمل توسعة وإنشاء محاور جديدة لتعزيز انسيابية حركة المرور. لكن وسط الترحيب بهذا التطوير، تثار تساؤلات حول نزع ملكية العديد من العقارات، وما إذا كانت التعويضات المقررة ستكون عادلة للمتضررين.
ويعدّ هذا المشروع من أضخم المشاريع الحضرية في تاريخ الرباط، حيث يشمل نزع ملكية أكثر من 15 هكتارًا من الأراضي على امتداد 12 كيلومترًا، مع تأثير مباشر على مناطق استراتيجية مثل شارع محمد السادس، محطة القطار الرباط-أكدال، وأحياء أكدال، العرفان، وقصر البحر.
لكن اللافت في هذه العملية أن نزع الملكية لم يقتصر على المواطنين العاديين، بل طال شخصيات نافذة وسفارات دولية، منها سفارات السعودية، الإمارات، إيران، هولندا، وليبيا، إضافة إلى عقارات تعود إلى أمراء ورجال أعمال معروفين. الأمر الذي يؤكد تطبيق السلطات لمبدأ المساواة في تنفيذ هذا المشروع، دون تمييز بين مواطن بسيط وشخصية وازنة.
رغم أن المشروع يشكل خطوة إيجابية نحو تحسين جودة الحياة بالعاصمة، إلا أن سكان المناطق المتأثرة يتساءلون عن مدى إنصاف التعويضات التي ستُمنح لهم، خصوصًا في ظل الارتفاع الكبير في أسعار العقارات. فهل ستراعي التعويضات القيمة الحقيقية للأملاك المصادرة؟
وبحسب القانون 7-81 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة، فإن أي ممتلكات مشمولة بقرار النزع لا يمكن التصرّف فيها أو إجراء أي تحسينات عليها بعد نشر المرسوم بالجريدة الرسمية، مما يزيد من أهمية تحقيق شفافية كاملة في التعامل مع المتضررين.
ومن بين المشاريع المهمة في هذا المخطط، إنشاء طريق جديد يربط بين شارع المسالخ ومستشفى مولاي يوسف، ما يستوجب نزع 8,444 مترًا مربعًا من الأراضي. هذا الطريق، إلى جانب تطوير محاور رئيسية أخرى، سيُسهم في تخفيف الازدحام وتحسين التنقل داخل الرباط، مما يجعل المشروع مكسبًا طويل الأمد للمدينة وسكانها.
ومع استمرار التحقيق العمومي حتى نهاية الشهر المقبل، تبقى فرصة المشاركة وإبداء الرأي متاحة أمام المواطنين، في خطوة تهدف إلى ضمان الشفافية وإشراك الجميع في اتخاذ القرار. فهل تنجح السلطات في تحقيق المعادلة الصعبة بين التنمية العصرية وحماية حقوق المُلّاك؟