الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية : التعاون بين المغرب ودول الجنوب المبني على التكافؤ

عبر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ،في كلمة له بمناسبة الندوة الدولية المنظمة على هامش المؤتمر السابع عشر لجمعية النواب العموم الأفارقة تحت عنوان: “الجريمة البيئية ودور القضاء في مكافحتها” والمنعقدة بمراكش أن الندوة مناسبة لتجديد  اللقاء مع زملائنا النواب العامين الأفارقة، وفرصة أخرى بالنسبة للمغرب، لإضافة حلقة متينة إلى سلسلة التعاون البناء والشراكات الناجحة بين الدول الإفريقية، انسجاماً مع السياسة الإفريقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي يَعتبِرُ التعاون بين دول الجنوب، والعلاقات الإفريقية المبنية على التكافؤ، السبيلَ الأمثل لتركيز الجهود ورفع التحديات التي تواجهها شعوبنا.

فإفريقيا، كما عبّر عن ذلك جلالته في خطابه الملكي السامي إلى الدورة 21 حول التحولات المناخية بباريس (COP21) سنة 2015: “… تستحق اهتماما خاصاً. فهي قارةٌ بدأت تستفيق في كل مناطقها، وتستكشف ذاتها وتكتسب الثقة في نفسها. إنها قارةُ المستقبل وعلى أرضها سيُحْسَم مصيرُ كوكبنا”.

أبرز رئيس السلطة القضائية ،أن هناك تحديات التي تواجه افريقيا :” هي تلكم المرتبطة بتوازن النظام الإيكولوجي والبيئي بالقارة الإفريقية، الذي أضحى – أكثر من أي وقت مضى- مهدداً بفعل عوامل التصحر وتدهور الأراضي الزراعية، وشح المياه ومظاهر التغيّر المناخي عامة. ولئن كانت بعض هذه الأخطار ذات بعد طبيعي، لا يسعنا سوى التأقلم معها وابتكار حلول وسياسات لمعالجتها، فإن أكبر التهديدات التي تواجه أمننا البيئي مردها لأفعال جرمية ساهمت بشكل كبير في تردي الوضع البيئي وأترث سلبا على الزراعة والأمن الغذائي وزادت من نسب الفقر والهجرة القسرية. وهو ما يجعل دور النيابة العامة والقضاة أساسياً للحفاظ على الأمن البيئي”.
واعتبر أن المغرب شهد مسارا خاصا به لمواجهة مختلف الإشكالات والقضايا المرتبطة بالبيئة. ليس فقط من خلال توصيفها، ولكن وبشكل خاص، من خلال تقديم ردود مناسبة وحلول عملية لمواجهتها. ويمكن في هذا الصدد، بحسب المسؤول القصائي أن نذكر:
1.التزام المغرب واستعداده لتحسين الإدارة البيئية من خلال التوقيع والتصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات الرئيسية. لاسيما تلك المنبثقة عن قمة “ريوديجانيرو”. وهي تشمل “برنامج العمل للقرن 21″، واتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، واتفاقية الإطار للأمم المتحدة المتعلقة بالتنوع البيولوجي، واتفاقية “رامسار” Ramsar، وغيرها؛
2.اعتمادُ ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، تمت ترجمته إلى قانون إطار بمثابة موجه رئيسي للسياسات العمومية والبرامج الاستراتيجية القطاعية المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة؛
3.إعدادُ واعتماد جيل جديد من النصوص التشريعية تشكل ثورة حقيقية في النظام القانوني المغربي المتعلق بالبيئة، حيث انتقل الاهتمام من تسيير وتنظيم استغلال الموارد البيئية إلى الحفاظ عليها وحمايتها وفق المبادئ الكونية الأربع (مبدأ الوقاية، ومبدأ الملوث يؤدّي، ومبدأ المشاركة ثم مبدأ الاحتراز).
وخلص إلى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في إطار اختصاصاته الدستورية والقانونية، اختار الانخراط الإيجابي في هذه الدينامية الملكية ذات البعد الوطني والإقليمي والدولي، في مجال مكافحة الجريمة البيئية من خلال المساهمة في إرساء “قضاء إيكولوجي”، قادر على استيعاب كل المتغيرات وتحقيق- مضامين التزاماتنا ورسالتنا، وذلك عبر ثلاث مداخل أساسية:
1-المساهمة مع شركائه في تأطير المحاكم وتوجيهها نحو “المستقبل الأخضر” من خلال منهج تحديثي لآليات العمل القضائي والإداري وتبني حلول رقمية صديقة للبيئة والانخراط في كل الأوراش التي تهدف إلى رقمنة قطاع العدالة؛
2-اعتماد مناهج ومصوغات تكوينية تجعل مادة قانون البيئة مادة أساسية في التكوين الأساسي والمستمر للسادة القضاة؛
3-تتبع وتقييم النشاط القضائي لمحاكم المملكة، سيما ما يتعلق بالأحكام الصادرة في مجال مكافحة الجرائم البيئية بكافة صورها وأشكالها.
وفي هذا الصدد أحدث المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال الأشهر السابقة بنية متخصصة تعنى بقضايا البيئة تابعة لقطب القضاء الجنائي، لتتبع هذا النوع من القضايا وجمع الاجتهادات القضائية ونشر المعلومة القانونية والممارسات الفضلى ذات الصلة.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة