الذكرى التاسعة والأربعون للمسيرة الخضراء: تاريخ من النضال والتلاحم

يخلد الشعب المغربي غدًا، الأربعاء، الذكرى التاسعة والأربعين لإعلان جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، عن تنظيم المسيرة الخضراء المظفرة.

تمثل هذه المسيرة حدثًا تاريخيًا فريدًا على المستوى الدولي، حيث أفضت إلى استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، مما يعد تحولًا حاسمًا في مسار الكفاح من أجل الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية. وفي هذا السياق، تعتبر المسيرة الخضراء مناسبة لتجديد التأكيد على مغربية الصحراء، حيث تمثل محطة مشرقة في تاريخ المملكة، تمكّن فيها الشعب المغربي من استعادة جزء من أراضيه بعد نحو ثلاثة أرباع القرن من الاحتلال.

 

في 16 أكتوبر 1975، أعلن جلالة المغفور له الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء، التي شكلت سابقة في تاريخ التحرر من الاستعمار. تزامن هذا الإعلان مع إصدار محكمة العدل الدولية بلاهاي رأيها الاستشاري حول الصحراء، الذي أكّد على الروابط التاريخية والقانونية بين المغرب وأقاليمه الجنوبية، معترفًا بشرعية مطالب المغرب لاسترجاع أراضيه.

 

شددت المحكمة في قرارها أن هذا الجزء من تراب المملكة لم يكن يومًا أرضًا خالية، حيث كانت هناك روابط وثيقة بين سلاطين المغرب وسكان الصحراء. وكان هذا الاعتراف بداية لعملية استرجاع الأراضي، إذ دعا الملك المغفور له الحسن الثاني إلى تنظيم مسيرة سلمية، مما تجلى في مبادئ نبذ العنف والتشبع بقيم السلام.

جسدت المسيرة الخضراء، التي انطلقت في السادس من نونبر 1975، التزام المغاربة بأرضهم الوطنية والتلاحم بين الشعب والعرش، حيث تمثل مثالًا يحتذى في السلمية. وقد أظهر الملك في خطابه تأكيده على حق المغرب التاريخي في الصحراء، معلنًا عن ضرورة القيام بهذه المسيرة التي أذهلت العالم.

وساهمت المسيرة الخضراء في إطلاق عملية التنمية والبناء بالأقاليم الجنوبية، حيث تم توجيه جهود وطنية حقيقية للنهوض بمختلف آليات التنمية في هذه المناطق، مما ساعد على تجاوز آثار الاحتلال الإسباني.

تشهد الأقاليم الصحراوية اليوم، بعد أكثر من أربعة عقود من استرجاعها، دينامية تنموية شاملة، تشمل مجالات مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية، وغيرها. وتستند هذه الجهود إلى إرادة ملكية لجعل الصحراء المغربية قطبًا اقتصاديًا مهمًا، خاصةً مع اعتماد النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه الملك محمد السادس في 2015.

 

تساهم هذه المبادرة في جذب استثمارات كبيرة، مما يعزز الاقتصاد المحلي وجودة حياة السكان. وقد تحقق تحسن ملحوظ في المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، بفضل السياسات التنموية التي تم اعتمادها.

 

على الصعيد الدبلوماسي، حققت المملكة انتصارات مهمة، حيث تم الاعتراف بمغربية الصحراء من قبل عدة دول، مما يعكس الدعم الدولي لقضية المغرب.

 

تعيش الصحراء المغربية اليوم دينامية سوسيو-اقتصادية، مدفوعة بالإصلاحات الكبرى، حيث يشارك جميع الصحراويين في العملية الانتخابية، مما يعكس التزامهم بالمشاركة الديمقراطية.

 

لقد شكلت المسيرة الخضراء محطة تاريخية تحمل دلالات عميقة، تجسد نضال المغاربة في سبيل تحقيق الوحدة الترابية، وتلهم الأجيال في مسيرتها نحو تعزيز مكانة المغرب وأدواره الرائدة بين الأمم والشعوب.


اكتشاف المزيد من مغربنا24 - Maghribona24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليقات ( 0 )

اترك رد