في خطوة تؤكد تخبط النظام الجزائري وضعفه الدبلوماسي، اختارت الجزائر عدم إدراج قضية الصحراء المغربية على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي خلال رئاستها الدورية للمجلس. هذا القرار يكشف بجلاء عجز دبلوماسيتها عن مواكبة التحولات الدولية التي باتت تؤكد يوما بعد يوم دعم العالم لمغربية الصحراء، بينما تستمر الجزائر في عزف نشازها السياسي الذي لا يسمعه سوى من لا يزال يعيش في الماضي.
رئاسة الجزائر لمجلس الأمن، التي جاءت بمحض الصدفة نتيجة الترتيب الأبجدي، لم تمنح النظام الجزائري سوى وهم القوة، حيث يدرك الجميع أن عضويتها غير الدائمة في المجلس تجعلها مجرد متفرج غير قادر على التأثير في القرارات المصيرية. وهذا ما يفسر هروبها من طرح ملف الصحراء المغربية خوفًا من نكسة أخرى تضاف إلى سلسلة إخفاقاتها في هذا النزاع المفتعل.
وقد بررت الجزائر موقفها المتخاذل بحجة تجديد مجلس الأمن لبعثة “المينورسو” قبل ثلاثة أشهر، متناسية أن السبب الحقيقي هو إدراكها للعزلة الدولية التي تعيشها، خصوصًا بعد القرارات الأممية التي أكدت مغربية الصحراء واعتبار الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب الحل الوحيد الواقعي والقابل للتطبيق.
الجزائر التي لطالما رفعت شعار “حق تقرير المصير” أصبحت عاجزة عن إقناع العالم بهذا الطرح المهترئ. بل على العكس، تواجه عزلة دبلوماسية خانقة، خاصة بعد تصويت مجلس الأمن على القرار 2756 الذي ثبّت مكتسبات المغرب وأكد دينامية الاعترافات الدولية بسيادته على أقاليمه الجنوبية.
كما أن النظام الجزائري، الذي لا يزال يعيش على أوهام “الجبهة الانفصالية”، يقدم دعمه السياسي والمادي لجبهة البوليساريو التي تحولت إلى عبء ثقيل يزيد من أوجاعه الاقتصادية والدبلوماسية. في الوقت الذي ينادي فيه العالم بالحكم الذاتي كحل واقعي، يصر النظام البائس على دعم كيانات وهمية باتت هي الأخرى تدرك أن المغرب يقترب من حسم القضية نهائيًا.
وما يزيد الموقف سخرية هو ادعاء النظام الفاشل أنه يدافع عن “مبادئ التحرر”، بينما يعاني الشعب الجزائري من نظام يكرس الفساد والقمع الداخلي. حتى رئاسته لمجلس الأمن بدت كحفل زفاف بلا عروس، حيث لم تملك الجرأة لاستغلال هذا الموقع لطرح قضية تعتبرها “جوهر سياستها الخارجية”، لكنها اختارت التواري خوفًا من نكسة جديدة.
في المقابل، يواصل المغرب تحقيق انتصارات دبلوماسية، معززًا موقفه بمزيد من الاعترافات الدولية كفرنسا التي تعهدت بدعم مغربية الصحراء، إلى جانب افتتاح تشاد لقنصلية في مدينة العيون. كما أن الولايات المتحدة، التي سبق وأعلنت اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية،التي تستعد بدورها لتقديم دفعة جديدة لهذا الملف تحت إدارة دونالد ترامب.
أما العالم الآخر فتجد نفسها عاجزة حتى عن مواجهة الحقيقة، مكتفية بدور المتفرج الذي يتقن فن الهروب. نظامها يعيش حالة إنكار مرضية، متوهما أن بإمكانه كبح تقدم المغرب الذي يمضي بخطى واثقة نحو الحسم النهائي.