كشف المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، خلال ندوة صحفية عُقدت بالرباط، عن النتائج التفصيلية للإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، مسلطًا الضوء على التحولات الديموغرافية، الاجتماعية، والاقتصادية التي شهدها المغرب خلال العقد الأخير.
التوزيع اللغوي: صورة عن التعدد الثقافي
أكد الإحصاء أن 91.9% من سكان المغرب يتحدثون بالدارجة المغربية، مع اختلاف واضح بين الوسطين الحضري والقروي؛ حيث بلغت النسبة 96.3% في المدن و84.5% في القرى. وفي المقابل، أفاد بأن 24.8% من السكان يستخدمون اللغة الأمازيغية، موزعة بين 19.9% في الوسط الحضري و33.3% في الوسط القروي.
وحول تنوع التعبيرات الأمازيغية، جاءت «تشلحيت» في الصدارة بنسبة 14.2%، تلتها «تمزيغت» بنسبة 7.4%، ثم «تريفيت» بنسبة 3.2%. أما اللغة الحسانية، فتمثل أقلية بنسبة 0.8%. على المستوى الجهوي، برزت الدارجة المغربية بشكل واسع في جهات مثل الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة بنسبة 98.2%، فيما سجلت أدنى نسبها في جهة درعة-تافيلالت بـ64.1%.
تطورات في مجال التعليم ومحاربة الأمية
أبرزت المندوبية السامية للتخطيط تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات التعليم، حيث انخفض معدل الأمية من 32.2% في سنة 2014 إلى 24.8% في سنة 2024. هذا التحسن كان أكثر وضوحًا في الوسط القروي، حيث تراجع معدل الأمية من 47.5% إلى 38.0%، مقابل انخفاضه في الوسط الحضري من 22.6% إلى 17.3%.
وبالنسبة للنساء، شهدت نسب الأمية تراجعًا كبيرًا من 42.1% في سنة 2014 إلى 32.4% في سنة 2024، بينما انخفضت النسبة بين الرجال من 22.2% إلى 17.2%. وارتبط هذا التراجع بتحسن متوسط سنوات التمدرس، الذي بلغ 6.3 سنوات في سنة 2024 مقارنة بـ4.4 سنوات في 2014، مع تسجيل تباينات بين الوسطين الحضري والقروي.
معدلات التمدرس: تقدم مشجع رغم الفوارق
سجلت نتائج الإحصاء ارتفاعًا ملحوظًا في معدل التمدرس لدى الفئات العمرية المختلفة. بالنسبة للأطفال بين 4 و5 سنوات، بلغ معدل التمدرس 62.7% على المستوى الوطني، مع فارق بسيط بين الوسط الحضري (66.8%) والقروي (56.9%). كما ارتفع معدل التمدرس للفئة العمرية بين 6 و11 سنة من 94.5% سنة 2014 إلى 95.8% سنة 2024، خاصة في الوسط القروي حيث تقدم من 91.4% إلى 95.1%.
وفي الفئة العمرية بين 12 و14 سنة، ارتفع المعدل من 84.1% إلى 92.8%، مع تقارب ملحوظ بين الذكور (93.4%) والإناث (92.1%)، بعد أن كان الفارق أكبر في سنة 2014.
أظهرت النتائج أن نسبة السكان البالغين 25 سنة فأكثر، الذين حصلوا على الأقل على مستوى التعليم الثانوي الإعدادي، ارتفعت من 30.2% في سنة 2014 إلى 39.1% في سنة 2024. وفي المقابل، تراجعت نسبة الأشخاص الذين ليس لديهم أي مستوى تعليمي من 44.6% إلى 36.3%.
تحولات مستمرة نحو تنمية بشرية مستدامة
تشير هذه المؤشرات إلى أن المغرب يشهد تقدمًا ملحوظًا في تحسين الرأسمال البشري، مع جهود واضحة لتقليص الفوارق بين الوسطين الحضري والقروي، وتعزيز التنوع الثقافي واللغوي. هذه التحولات تعكس رؤية المملكة نحو تنمية شاملة، مع التركيز على تطوير التعليم وتحقيق العدالة الاجتماعية.