“إيض ن يناير” 2975 بين الاحتفال بالهوية الأمازيغية وخيبة السياسات الحكومية

يحتفل المغرب يوم الثلاثاء 14 يناير بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975، وهو ما طال انتظاره ويُعد خطوة إيجابية نحو تكريس الهوية الأمازيغية. غير أن هذا القرار لا يخفي واقع السياسات الحكومية المتعثرة التي تفتقر إلى رؤية واضحة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، رغم مضي أكثر من عقد على إقرارها دستورياً.

 

في وقت يُنتظر أن يكون “إيض ن يناير” مناسبة للتعبير عن الاعتزاز بالهوية الأمازيغية، يقتصر الأداء الحكومي على خطوات رمزية، تاركاً القضايا الجوهرية جانباً. كإدماج الأمازيغية في التعليم لا يزال يسير بوتيرة بطيئة، والإعلام العمومي يعاني من تهميش ممنهج للغة والثقافة الأمازيغيتين، وهو ما يؤكد غياب إرادة حقيقية لتحقيق العدالة اللغوية.

 

أما الإنجازات التي تتباهى بها الحكومة، مثل الاعتراف بـ”إيض ن يناير” كعطلة رسمية، ليست سوى امتداد لمبادرات ملكية انطلقت منذ خطاب أجدير في عام 2001. الخطاب الذي شكّل نقطة تحول في مسار رد الاعتبار للأمازيغية، حيث أسفر عن إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وإدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في دستور 2011. ومع ذلك، تُستخدم هذه المكتسبات اليوم كواجهة لإخفاء تقصير الحكومة في تنزيلها على أرض الواقع.

 

أما الفنانون والمبدعون الأمازيغ يواجهون نقصاً في الدعم المالي والمعنوي، بينما يظل التعليم الأمازيغي محدود الانتشار بالمؤسسات التعليمية. أما الإعلام العمومي، فإنه يستبعد الأمازيغية من برامجه الأساسية، مكتفياً بإفراد مساحات صغيرة وموسمية، مما يوثق غياب اهتمام جاد بهذه القضية.

 

كما أن تعامل الحكومة مع الملف الأمازيغي يقتصر على خطوات رمزية واحتفالات شكلية، ما يزيد الشعور بالتهميش لدى شريحة كبيرة من المواطنين. الأمازيغية تحتاج إلى سياسات استراتيجية تهدف إلى إدماجها في كافة مجالات الحياة، من التعليم والإعلام إلى الإدارة والثقافة، بعيداً عن الحلول الترقيعية.

 

الاحتفال بـ”إيض ن يناير” يجب أن يتحول إلى فرصة لإعادة النظر في السياسات الحكومية المتعلقة بالحقوق الأمازيغية. فالمكتسبات التي تحققت حتى الآن جاءت بفضل الإرادة الملكية، لكن على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها وتعمل بجدية على تنفيذ مضامين الدستور، بما يضمن العدالة الثقافية واللغوية لجميع المغاربة.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة