اشتد الجدل داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب حول المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، التي تمنع الجمعيات من التبليغ عن الفساد، وسط نقاشات حادة بين مؤيدين ومعارضين. وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، استبق مداخلات النواب بتصريح حاسم، قائلاً: “أُقسم بالله لن أقبل أي تعديل في المادة الثالثة”، مؤكدًا أن قناعته مطلقة بشأنها، وأنها ضرورية لحماية الفاعلين السياسيين من الاستهداف غير المبرر.
وهبي دافع بشدة عن المادة، معتبرًا أنها تعيد الهيبة للعمل السياسي في ظل انتشار ما وصفه بـ”شعارات محاربة الفساد”، التي تستخدمها بعض الجمعيات بشكل انتهازي. وكشف الوزير عن تفكيره في منح رؤساء الجماعات الترابية امتيازًا قضائيًا، موضحًا أن هؤلاء المسؤولين يتعرضون لسيل من الشكايات التي تفتقر في كثير من الأحيان إلى أدلة قوية، مما يؤدي إلى تشويه سمعتهم دون محاكمات عادلة. كما أبدى قلقه من تأثير حملات التشهير الإعلامية على المسؤولين، مشددًا على أن التحقيقات القضائية تأخذ وقتًا طويلاً، وخلال هذه الفترة يتعرض المتهمون للاغتيال السياسي والاجتماعي.
تصريحات وزير العدل أثارت انقسامًا داخل البرلمان، حيث انتقد عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، موقف وهبي، معتبراً أن “القَسم بعدم قبول أي تعديل يتجاوز المؤسسة التشريعية”. وأكد أن المادة 3 لن تحل الإشكال، بل يجب تعميق النقاش حولها لضمان احترام الدستور، الذي يعترف بدور الجمعيات في متابعة الشأن العام.
في المقابل، أيد أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، توجه وهبي، معتبرًا أن المادة 3 ضرورية لوضع حد لما وصفه بـ”عبث بعض الجمعيات التي تستغل محاربة الفساد للإساءة إلى المؤسسات”. وأضاف أن أغلب الشكايات تستهدف رؤساء الجماعات الترابية، الذين يعدون خط الدفاع الأول في تدبير الشأن المحلي، مشددًا على ضرورة تعزيز دور مؤسسات الرقابة الرسمية، مثل المفتشيات العامة والمجلس الأعلى للحسابات، عوض السماح للجمعيات بممارسة هذا الدور.
وسط هذا الجدل المحتدم، يبدو أن مصير المادة 3 سيظل محل نقاش واسع، في ظل تشبث وهبي بموقفه الرافض لأي تعديل، مقابل مطالب المعارضة بإعادة النظر في النص القانوني لضمان التوازن بين مكافحة الفساد وحماية المسؤولين من الاتهامات الكيدية.