يبدو أن وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، متفائلٌ وهو يتحدث عن “تحقيق التوازن داخل الأسواق”، لكن هل يقصد بذلك استقرار الأسعار عند مستوياتها المرتفعة، أم أنه يلمّح إلى انخفاض حقيقي ينعكس على القدرة الشرائية للمغاربة؟
كشف الوزير، خلال اللقاء الصحافي الأسبوعي للحكومة، عن تراجع القطيع الوطني بنسبة 38% مقارنة بعام 2016، وهو ما أدى إلى انخفاض عدد رؤوس الماشية المذبوحة من 230 ألفًا إلى ما بين 130 و150 ألف رأس فقط. هذه الأرقام تفسر أزمة اللحوم التي يعيشها المواطن المغربي، حيث أصبحت أسعارها تفوق قدرة شريحة واسعة من المجتمع.
الحكومة اختارت الحل الأسرع: الاستيراد. فقد تم، منذ بداية العام، استيراد أكثر من 21 ألف رأس من الأبقار، و124 ألف رأس من الأغنام، و704 أطنان من اللحوم الحمراء، مع تعليق الرسوم الجمركية والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة. لكن هل كان لهذا التدخل أثر ملموس على الأسعار في الأسواق؟
الوزير يتحدث عن بوادر انخفاض في أسعار لحوم الأبقار مقارنة بالسنة الماضية، لكن هل هذا التراجع حقيقي أم مجرد مقارنة بارتفاع قياسي سابق؟ الواقع أن الأسعار لا تزال بعيدة عن مستوياتها المعقولة، فيما تظل هوامش الربح بين البيع بالجملة والتقسيط مرتفعة، مما يطرح تساؤلات حول مدى تدخل الحكومة لضبط السوق بدل الاكتفاء بالإعفاءات الضريبية التي تصب في مصلحة الوسطاء أكثر من المواطن.
لم يكتفِ الوزير بالحديث عن الاستيراد، بل كشف عن إعداد “برنامج شامل” لدعم قطاع الإنتاج الحيواني، يضم ستة محاور، من بينها توفير الأعلاف للمربين بكمية تتراوح بين 15 و18 مليون قنطار، وتأطير تقني لتحسين إنتاجية الماشية، إلى جانب برنامج يركز على “الكساب” الصغير والمناطق الهشة.
مع اقتراب شهر رمضان، أعلن الوزير عن مبادرة لتوفير الأسماك بكميات معقولة وأسعار مناسبة، دون توضيح آليات ضبط السوق ومنع المضاربة التي تشهدها هذه الفترة كل عام. أما بخصوص عيد الأضحى، فقد اكتفى بالقول إن الوزارة مسؤولة عن “توفير الماشية”، متجاهلًا الحديث عن الأسعار التي من المتوقع أن تكون في مستويات قياسية بسبب تراجع القطيع.
إذا كانت الحكومة تتحدث عن “استقرار الأسواق”، فلماذا لا يشعر المواطن بهذا الاستقرار في جيبه؟ هل ستظل الحلول ترقيعية تعتمد على الاستيراد، أم أن هناك خطة حقيقية لدعم الإنتاج المحلي؟ والأهم: متى ستتحول هذه التدابير من مجرد أرقام معلنة إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع؟
الكرة في ملعب الحكومة، لكن يبدو أن المواطن المغربي مطالب بالصبر أكثر، في انتظار أن يتحول “استقرار الأسواق” من شعار حكومي إلى حقيقة معيشية.