هل ستسير وزارة الفلاحة في الطريق الصحيح أم ستعيد إنتاج الأزمة؟

بعد قرار السلطات المغربية، بناءً على الرسالة الملكية السامية، بتعليق شعيرة نحر الأضاحي لهذا العام، وذلك في ظل أزمة انخفاض القطيع الوطني من الماشية منذ 2016. ورغم التبريرات التي ساقتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، حول ضرورة الحفاظ على الثروة الحيوانية وإعادة تكوين القطيع، إلا أن هذا القرار يثير تساؤلات عميقة حول مدى استعداد الوزارة لمواجهة تداعياته، ومدى فعالية الإجراءات المصاحبة التي أعلنت عنها لدعم مربي الماشية.

 

حيث أعلنت الوزارة عن توسيع غلاف برنامج مواجهة آثار الجفاف، والذي خصصت له 10 مليارات درهم في قانون مالية 2025. ويهدف هذا البرنامج، وفق الوزارة، إلى خفض تكاليف الإنتاج، لا سيما في ارتفاع أسعار الأعلاف التي تشكل ما بين 65 إلى 70% من تكاليف تربية الماشية، بالإضافة إلى إجراءات تتعلق بالصحة الحيوانية وتأطير المنتجين. لكن هنا يبرز التساؤل الأهم: هل دراسة هذا الإجراء تمت بالشكل الكافي لضمان أن هذه الأموال ستُصرف بفعالية وشفافية؟ أم أن الوزارة ستعيد تدوير الحلول السابقة التي لم تثبت نجاعتها في الماضي؟ فإلى اليوم، لم تقدم الوزارة أي توضيحات كافية حول آليات تفعيل هذا البرنامج أو كيفية توزيع الدعم على المربين، في ظل مخاوف من أن تستفيد منه فئات معينة دون أخرى، كما حدث في برامج سابقة.

 

فمنذ سنوات، يعاني القطاع الفلاحي من سياسات متخبطة لم تؤدِّ إلا إلى تفاقم الأزمات، سواء تعلق الأمر بملف الجفاف أو ندرة الأعلاف أو ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء. ورغم أن الوزارة تتحدث عن تدخلات حكومية، إلا أن غياب آليات واضحة للمحاسبة يطرح مشكلة جدية. فمن يضمن أن هذا الدعم لن يذهب مجددًا إلى جيوب كبار المربين والمحتكرين، فيما تظل الشريحة الأوسع من الكسّابة البسطاء في مواجهة الأزمات؟ كما أن تصريحات مسؤولي الوزارة، وعلى رأسهم الوزير، لم تتطرق إلى الضمانات التي ستُوفر لضمان تنفيذ البرنامج بشفافية، ولم تطرح أي التزام بمساءلة الجهات المسؤولة عن أي اختلالات أو تجاوزات قد تطرأ في توزيع الدعم. فهل ستتحمل الوزارة مسؤوليتها في هذا الشأن، أم أن الأمر سينتهي كما كان في برامج سابقة، حيث تُرصد الميزانيات دون تحقيق النتائج المطلوبة على أرض الواقع؟ فبدون توضيح دقيق لكيفية تنفيذ البرامج، وضمانات للشفافية، ومحاسبة حقيقية للمسؤولين عن أي فشل، سيظل القطاع الفلاحي في دائرة الأزمات المتكررة.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة