في مشهد يليق بأفلام الكوميديا، خرجت وزارة الدفاع الجزائرية ببيان احتفالي تعلن فيه عن “إنجاز” أمني من طراز خاص: ثلاثة إرهابيين قرروا – بكل بساطة – تسليم أنفسهم طوعًا للسلطات في برج باجي مختار، وكأنهم سياح فقدوا طريقهم في صحراء البلاد.
ليس غريبًا أن تلجأ الجزائر إلى مثل هذه المسرحيات بعد أن فشلت في تأمين حدودها الشرقية والجنوبية، وأصبحت في قائمة الدول التي تحذر الحكومات الأخرى رعاياها من السفر إليها. فلم يعد أمام النظام الجزائري من وسيلة لتحسين صورته المهترئة سوى الادعاء بأنه يحقق “نجاحات” في محاربة الإرهاب، حتى لو كان ذلك عبر إرهابيين يسلمون أنفسهم طواعية، وكأن الأمر “مبادرة شخصية” أو “صفقة استسلام وديّة”!
وبحسب البيان الرسمي، فإن الإرهابيين الثلاثة “العربي لادمي”، و”إيتا لمين”، و”بن خية سيويت”، جاؤوا بأسلحتهم وذخيرتهم وكأنهم يسددون “الوديعة الأخيرة” في بنك الأمن الجزائري، بينما السلطات هناك تلتقط الصور وتنشرها للإعلام المحلي كدليل على “النجاحات الأمنية” المزعومة.
هذه المسرحيات الجزائرية لن تخدع أحدًا، فالجميع يعلم أن الإرهاب في الجزائر ليس مجرد بقايا جماعات مسلحة، بل هو نتاج بيئة سياسية مأزومة ونظام عسكري يستغل الورقة الأمنية كلما ضاقت به السبل داخليًا وخارجيًا. وبينما تواصل الجزائر التفاخر بـ”إنجازاتها الأمنية”، يبقى السؤال الأهم: متى يسلم النظام الجزائري نفسه للشعب، ويعترف بفشله في إدارة البلاد؟