قال محمد أوجار، وزير العدل وحقوق الإنسان الأسبق، إن العالم يعيش تحولًا تاريخيًا عميقًا، تقوده العولمة وتتصدره قيم الحريات وحقوق الإنسان والمساواة، غير أن هذا التحول لا يجب أن يكون على حساب الهوية الثقافية والحضارية للأمم.
وجاء ذلك خلال مشاركة أوجار في فعالية تقديم كتاب “الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير”، لمؤلفه الدكتور جمال سند السويدي، التي احتضنها جناح كبار الشخصيات بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط.
وأكد أوجار أن الكتاب يطرح إشكالات معقدة وأسئلة جوهرية حول كيفية الحفاظ على الهوية في ظل التحولات المتسارعة، مبرزًا أن الإمارات، كما المغرب، تمكنتا من تحقيق معادلة صعبة تتمثل في الحفاظ على التقاليد الثقافية والدينية، مع الانفتاح على التطور الرقمي وقيم الحداثة وحقوق الإنسان.
وأضاف أن الإمارات تشكل مثالًا ناجحًا في تحقيق هذا التوازن، حيث انتقلت من مجتمع قبلي إلى دولة اتحادية ثم إلى دولة مدنية، دون التفريط في قيمها الأساسية، مشيرًا إلى أن النموذج المغربي يعكس نفس النجاح من خلال التمسك بالتقاليد والانفتاح على العصر، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس.
وأشار المتحدث إلى أن ملايين أفراد الجالية المغربية يزورون أرض الوطن سنويًا رغم بعد المسافة، مما يدل على قوة الرابط بالهوية المغربية، كما نوّه بمواقف لاعبين دوليين أمثال حكيم زياش وأشرف حكيمي، اللذين اختارا تمثيل المغرب رغم الضغوط، ما يوثق عمق انتمائهما الوطني.
وفي تحليله لمضامين الكتاب، شدد أوجار على أن الحفاظ على الهوية أصبح من أكبر التحديات، في ظل صعود تيارات اليمين المتطرف في أوروبا، والتفكك الداخلي في بعض بلدان الجنوب، داعيًا إلى تعزيز التماسك الوطني وصيانة القيم الجامعة دون التصادم مع مستجدات العصر.
من جهته، عبّر الدكتور جمال سند السويدي، عن اعتزازه بتقديم مؤلفه في المغرب، مشيدًا بحجم التفاعل الذي لقيه من النخب الفكرية والجمهور المغربي، واصفًا الكتاب بأنه محاولة جادة لتأصيل مفهوم الهوية الوطنية في زمن العولمة.
وأكد السويدي أن الهوية ليست مسألة شكلية، بل جوهر وجودي يتجاوز حدود الجغرافيا، مشيرًا إلى أن معارض الكتاب، مثل معرض الرباط، أصبحت اليوم فضاءات حيوية لإحياء ثقافة القراءة في مجتمعات تواجه طوفان المحتوى السريع.