تنطلق الثلاثاء محاكمة عدد من الشخصيات البارزة المعارضة للرئيس التونسي قيس سعيّد بتهمة “التآمر على أمن الدولة”، وهي قضية وصفت من قبل منظمات غير حكومية والمعارضة بأنها “فارغة” و”سياسية”.
تبدأ يوم الثلاثاء (الرابع من مارس 2025) محاكمة شخصيات بارزة من معارضي نظام الرئيس التونسي قيس سعيد. وتشمل المحاكمة مسؤولين حزبيين ومحامين وشخصيات إعلامية من بين نحو أربعين شخصا. ويشتبه في أن الكثير منهم أقاموا اتصالات مع جهات أجنبية، بما في ذلك دبلوماسيون. وووجهت إليهم تهم “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” و”الانتماء إلى تنظيم إرهابي”، وفقا لهيئة الدفاع عنهم. وتُعد هذه الاتهامات خطيرة جدا وتصل عقوبتها حد الإعدام.
وأوقف الكثير منهم خلال حملة أمنية داخل صفوف المعارضة في العام 2023 ومن بينهم رئيس “الحزب الجمهوري”، عصام الشابي والمحامي وأستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك والمسؤول السابق في حزب النهضة الإسلامي، عبد الحميد الجلاصي. و تلاحق في القضية أيضا الناشطة شيماء عيسى ورجل الأعمال كمال الطيف والنائبة السابقة بشرى بلحاج حميدة، الرئيسة السابقة “للجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات”، والمتواجدة في فرنسا. ومن بين المتهمين أيضا الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي.
ومن داخل سجنه، ندد جوهر بن مبارك، في رسالة قُرأت في مؤتمر صحافي، بمحاولة الدولة “إجهاض التجربة الديموقراطية التونسية الفتية وكان القضاء أحد أهدافها الرئيسية، فسعت جاهدة إلى تدجينه وحشره في زاوية المظالم لتنفيذ أهواء السلطة وتصفية منهجية لكل الأصوات الرافضة أو المقاومة أو حتى الناقدة”. وبن مبارك هو أحد مؤسسي “جبهة الخلاص الوطني”، الائتلاف الرئيسي للمعارضة ضد الرئيس سعيّد.
منذ قرّر سعيّد في صيف العام 2021، احتكار السلطات في البلاد، نددت المعارضة ومنظمات غير حكومية تونسية ودولية بتراجع حقوق الإنسان والحريات في البلاد. تقول شقيقة بن مبارك، المحامية دليلة مصدق، إن ملف التحقيق “فارغ” ومبني على “اتهامات تعتمد على شهادات زائفة”. وأعلنت هيئة الدفاع، أن السلطات القضائية قرّرت أن تُجرى المحاكمة عن بُعد عبر الفيديو، وأن المتهمين لن يُنقلوا إلى المحكمة.
وقوبل هذا القرار برفض شديد من قبل الدفاع وذوي المتهمين الذين يطالبون بمحاكمة علنية وبحضور المتهمين. وقال المعارض التاريخي أحمد نجيب الشابي، رئيس “جبهة الخلاص الوطني” وشقيق عصام الشابي “إنها إحدى شروط المحاكمة العادلة”. وأحمد نجيب الشابي متهم بدوره في هذه القضية لكن لم يتم توقيفه. وأضاف للصحافيين “لقد انتقلنا من العبث القانوني ووصلنا إلى الجنون القانوني”.
وقال والد جوهر بن مبارك، عز الدين الحزقي، وهو ناشط يساري مخضرم، إنه يشعر بـ”المرارة” لأنه صوّت للرئيس قيس سعيّد في 2019. وجوهر بن مبارك كان أيضا من ضمن الذين “ناضلوا بشدّة” لانتخاب سعيّد الذي كان يومها أكاديميا يُدعى بانتظام للمشاركة كمحلل في برامج تلفزيونية سياسية. ووفقا للمحامية مصدق، بين المتهمين الأربعين تقريبا في هذه القضية، يحاكم البعض وهم موقوفون والجزء الآخر وهم طليقون، بينما فرّ الباقون إلى الخارج.