الجزائر.. النظام العسكري يصعّد قمعه ضد المعارضين وحملة “مانيش_راضي” تكشف عمق الأزمة

لا تزال الجزائر تعيش على وقع القبضة البئيسة للنظام العسكري، الذي يبدو أنه لم يستوعب دروس الماضي ولم يتعلم من تجارب الأنظمة القمعية التي انهارت تحت وطأة غضب شعوبها. فبدلًا من الإصغاء إلى المطالب المشروعة والإصلاح السياسي الحقيقي، يواصل النظام سياسة التخويف والسجون، وكأن التاريخ لم يسجل بعد أن القمع لا يزيد الشعوب إلا إصرارًا.

 

حكم بالسجن لمدة خمس سنوات على الناشط السياسي عباس سمير، بعد استئناف محاكمته أمام مجلس قضاء برج بوعريريج، يُجسد الوجه الحقيقي لعدالة النظام. هذه العقوبة ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الاستهداف الممنهج لكل من تسول له نفسه الحلم بجزائر أكثر حرية وديمقراطية.

 

المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، والتي تُستخدم كشماعة لملاحقة النشطاء تحت تهم فضفاضة مثل “بث الرعب في أوساط السكان” و”عرقلة عمل المؤسسات العمومية”، ليست إلا أداة قانونية صُممت خصيصًا لخنق كل الأصوات المعارضة. النظام العسكري يدرك تمامًا أن شرعيته مهزوزة، ولذلك يختبئ خلف شماعة “الإرهاب” لتبرير سجن الأبرياء وتكميم الأفواه.

 

في ظل هذا القمع الممنهج، خرجت حملة “مانيش_راضي” لتفضح المستور. هذه الحملة، التي اكتسحت منصات التواصل الاجتماعي، تعكس حالة الاحتقان الشعبي وتكشف أن الجزائريين، رغم الترهيب، لا يزالون يرفضون الأمر الواقع.

 

السلطة التي اعتقدت أن بإمكانها إسكات الجميع اكتشفت أن فضاء الإنترنت أصبح ساحة جديدة للنضال، وأن الجزائريين وجدوا طرقًا جديدة لكسر الحصار المفروض على حرية التعبير. فالتدوينات والصور والفيديوهات التي توثق الواقع المتردي في البلاد انتشرت كالنار في الهشيم، مما زاد من قلق النظام، الذي يرى في أي تعبير عن الرأي تهديدًا لوجوده.

 

من المؤكد ان النظام العسكري يراهن على القمع كحل وحيد للبقاء في السلطة، لكنه يتجاهل أن التاريخ لا يرحم. الشعوب قد تصبر لكنها لا تنسى، وعندما تتراكم المظالم ولا تجد الآذان الصاغية، و يصبح الشارع هو الحكم. حيث القمع قد يؤجل الانفجار لكنه لا يمنعه. والممارسات الاستبدادية، بدلًا من أن ترهب الجزائريين، تدفعهم أكثر إلى الإصرار على انتزاع حقوقهم. فالحراك الشعبي، الذي حاول النظام دفنه، قد يعود أقوى من السابق، خاصة في ظل الغضب الشعبي المتزايد من التدهور الاقتصادي والاجتماعي.

 

وفي الوقت الذي تتجه فيه دول العالم نحو توسيع الحريات وتعزيز الديمقراطية، يصر كابرانات الجزائر على السباحة عكس التيار. غير أن الشعب الذي هتف يومًا في الشوارع “يتنحاو كاع” لا يمكن إسكات صوته إلى الأبد. والتاريخ أثبت مرارًا أن الأنظمة التي تعتمد على القمع بدل الإصلاح، تجد نفسها عاجلًا أم آجلًا في مواجهة مع شعبها، والمواجهة حينها لن تكون في صالح الطغاة.

يمكنكم مشاركة المقال على منصتكم المفضلة