تجلس السيدة فاطمة على أريكتها القديمة، عيناها تائهتان في الفراغ، بينما قلبها مثقل بالقلق والخوف. لقد مضى أكثر من أسبوعين على اختفاء ابنها مروان، الشاب الذي لم يتجاوز عمره الثمانية عشر ربيعًا، وبدأت كل دقيقة تمر كعمر كامل. كانت آخر مرة سمعت فيها صوته، عندما اتصل بها وهو على متن باخرة ركاب، متوجهًا من ميناء الناظور إلى مدينة موتريل الإسبانية، حلمه بالهجرة وتحقيق حياة أفضل بعيدًا عن هموم الوطن.
تتذكر فاطمة تلك اللحظة التي ودعت فيها مروان، وهو يحمل حقيبته الصغيرة، وعينيه تتألقان بالأمل. “سأكون بخير يا أمي، سأعود لك بأخبار جميلة”، قالها ببراءة، وابتسامة مفعمة بالحيوية. لكن تلك الابتسامة تحولت الآن إلى ذكرى تؤلم قلبها، كلما تذكرتها، تزداد مخاوفها وتتعاظم أسئلتها.
مع مرور الأيام، تحولت أماني الأم إلى كوابيس. عاشت فاطمة ساعات طويلة تتجول في أرجاء المنزل، تتفقد هاتفها كل بضع دقائق، على أمل أن يرن الهاتف، أن يسمع صوت مروان مجددًا، أن يعود إليها كما كان. وعندما جاء خبر اختفائه، انقلبت حياتها رأسًا على عقب. قدمت بلاغًا للشرطة الإسبانية، ووصفت ابنها بعيون دامعة، “مروان، شاب وسيم، طوله 175 سنتيمترًا، وزنه يتراوح بين 70 و75 كيلوجرامًا“. لكن كل تلك المعلومات لم تسفر عن أي جديد.
في كل يوم، كانت تتابع الأخبار، تنتظر أي نبأ يبعث الأمل في قلبها. كانت تحاول إقناع نفسها بأن مروان قد يكون بخير، ربما تعرض لبعض المشاكل ولكنه سيعود، كما كانت تخبر نفسها كلما تملكتها الأحزان. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت الحقيقة المؤلمة واضحة: الهجرة السرية تحمل معها مخاطر جسيمة، ولا أحد يمكنه ضمان سلامة الشباب الذين يسعون للهروب من واقعهم.
ووفقًا لتفاصيل البلاغ الذي قُدم إلى الشرطة الإسبانية في 22 أبريل من قبل أحد أفراد عائلته في مدينة خيخون، وقع هذا الاختفاء بين الساعة 19:00 من يوم 20 أبريل والساعة 23:20 من يوم 22 أبريل، على متن العبّارة التي كانت في طريقها من الناظور إلى موتريل.
تضمنت الشكوى المقدمة إلى الشرطة الإسبانية تفاصيل عن البيانات الجسدية لمروان لمقدم، حيث ذُكر أنه ذكر يبلغ من العمر 18 عامًا، وطوله 175 سنتيمترًا، ووزنه يتراوح بين 70 و75 كيلوجرامًا، مع شعر أسود وعيون بنية.
تسعى السلطات الإسبانية حاليًا إلى جمع المعلومات والقيام بالتحقيقات اللازمة لتحديد مصير الشاب المفقود، فيما تعيش عائلته وأصدقاؤه حالة من القلق والترقب على أمل العثور عليه في أقرب وقت ممكن بينما تعيش فاطمة في قلق دائم، تدرك أن حكاية ابنها ليست فريدة من نوعها، بل تمثل مأساة العديد من الأسر التي تعاني من غياب أبنائها في سعيهم للهجرة. ولكن رغم الألم، تبقى قلوب الأمهات دائمًا مفعمة بالأمل، ينتظرن بشغف عودة أبناءهم، مهما كانت الظروف.
اكتشاف المزيد من مغربنا24 - Maghribona24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
تعليقات ( 0 )