في خطوة مثيرة للجدل، وافق رئيس الحكومة عزيز أخنوش على طلب تقدم به وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، يسمح بتجاوز مقتضيات المادة 3 من المرسوم رقم 2.11.681، التي تفرض إجراء مقابلات انتقائية لتعيين رؤساء الأقسام والمصالح. وبدلاً من ذلك، اقترحت الوزارة اعتماد الانتقاء بناءً على دراسة ملفات الترشيح فقط، في خطوة قد تفتح الباب أمام المحسوبية والزبونية داخل الوزارة.
هذا القرار، الذي يفتقر إلى أي مبررات مقنعة، يعد انتهاكًا صارخًا لمبدأ تكافؤ الفرص والشفافية في التوظيف العمومي. فالمقابلات الانتقائية تشكل آلية أساسية لضمان اختيار الكفاءات المؤهلة وتكريس العدالة بين جميع المرشحين. السماح بتجاوز هذه الخطوة يمثل تراجعًا خطيرًا عن المكتسبات التي حققتها بلادنا في مجال الشفافية والاستحقاق، ويقوض ثقة المواطنين في المؤسسات العمومية.
والأخطر أن هذا التوجه يتناقض بشكل مباشر مع التوجيهات الملكية السامية، حيث أكد جلالة الملك محمد السادس في رسالته إلى المشاركين في المنتدى البرلماني الدولي الثالث للعدالة الاجتماعية أن “تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، هو في صلب توجهاتنا، لأنه لا تنمية حقيقية بدون عدالة وإنصاف”. فكيف يمكن للحكومة أن تتجاهل هذه التوجيهات وتسمح بتجاوز القانون في وزارة حساسة مثل وزارة الخارجية؟
إن موافقة أخنوش على طلب بوريطة تطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام الحكومة بالمبادئ الدستورية والقوانين الجاري بها العمل. فبدلاً من فرض احترام معايير الشفافية والاستحقاق، يبدو أن رئيس الحكومة يختار التساهل مع خروقات تمس بمصداقية المؤسسات. هذه الخطوة قد تكون رسالة سلبية للكفاءات الوطنية الشابة، التي ترى أن مسارات الترقي المهني لم تعد تعتمد على الجدارة، بل على الولاءات والعلاقات.
كان الأجدر بأخنوش أن يرفض هذا الطلب جملة وتفصيلًا، حفاظًا على ثقة المواطنين في المؤسسات، والتزامًا بروح الدستور الذي ينص على المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المغاربة.